العراق بين القوة و الضعف
هل يحتاج العراق الى استضافة قمة عربية في هذا الوقت ؟ سؤال مهم يطرحه
الكثيرون و تاتي الاجابة مختلفة من اطراف مختلفين وكل اجابة تحمل ظاهرا و من ورائه
باطن قد لا يطابق الظاهر, سوف نستعرض عدد من هذه الاجابات :
1-
الحكومة ممثلة برئاسة مجلس الوزراء و رئاسة
الجمهورية ترى اهمية بالغة لهذه القمة بحيث انها قدمت الكثير من التنازلات في سبيل
موافقة عدة اطراف على حضورها فقد وافقت على شروط الكويت المتعلقة بصيانة العلامات
الحدودية و تعويضات الخطوط الجوية الكويتية و تجاهل موضوع ميناء مبارك و غيرها من
الامور المعلقة منذ سنين و كل ذلك من اجل حضور الكويت الى القمة و حث باقي الخليج
على الحضور , مصر كانت تطالب بمستحقات العمالة المصرية في العراق من 1991 و لم
توافق الحكومة من قبل و لكنها وافقت هذا الشهر على دفع هذه المستحقات حسب تسوية
مالية , السعودية التي لا يعرف لها وجه مع العراق غير الوجه ( الزعلان) دائما
سابقا و حاليا رغم انهم يرسلون لنا الانتحاريين ليقتلونا لكنهم يطالبون بتسلمهم و
يحتجون على اعدامهم, على اي حال اتفقت الحكومة على تبادل المحكومين و المعتقلين
بغض النظر عن الجرائم و الاحكام حتى ترضى السعودية و تحضر الى القمة و لا نعرف ان
كان هؤلاء المحكومين بالاعدام سيعدمون هناك فعلا ام ان الموضوع اطلاق سراح فقط ,
الاردن يطالب بزيادة حصته من نفط العراق بسعر مخفض مقابل الحضور ولا نعرف اذا حصل
على ما يريد ام لا و لو ان موسم التنازلات يوحي لنا ان كل شيء ممكن هذه الايام فهي
ايام الربيع و النفس العراقية تشعر بالكرم و الجود تجاه ابناء العم , كل هذه
التنازلات و قد يكون هناك غيرها مقابل حضور البعض لا اكثر , هذه الاهمية التي
تراها الحكومة و تبذل في مقابلها اثمان لم تكن تقبل سابقا بدفعها تفسرها الحكومة
بأن اجتماع العرب في بغداد يعني اعتراف بعودة العراق الى الساحة العربية و اعتراف
بكون العراق تجاوز المراحل السابقة من الحصار و المقاطعة و العزلة . فهل هذا
التفسير حقيقي و هل القمة توحي بكل هذه النتائج؟
2-
الطرف الاخر في العراق الذي تمثله اطراف
سياسية اخرى و بعض المراقبين السياسيين يرى ان عقد القمة العربية في العراق ليس
بهذه الاهمية و ان حضور العرب لا يستحق كل هذه التنازلات ويقول هؤلاء ان الدافع
الحقيقي وراء اندفاع الحكومة لتقديم التنازلات من حقوق العراق و امواله هو مجرد
مصالح ذاتية لزعماء العراق الجدد الذين يبحثون عن مكان بين القيادات العربية
لتجميل صورهم و تسويق انفسهم داخليا و خارجيا على انهم حكام معترف بهم للعراق و ان
القمة مجرد فقاعة اعلامية مكلفة سوف تضخم صورة شخصين او اكثر ثم تنفجر في الهواء
لتعود الاوضاع كما هي قبل القمة , كما ان ضعف العراق سبب وجيه لعدم انعقاد القمة
في هذا الوقت هذا الضعف الذي دفع الحكومة الى تقديم هذه التنازلات غير المقبولة.
بعد الاستماع لهذه الاراء نستطيع ان نسأل
ماهي القوة التي يبحث العراق عنها في هذه الفترة من تاريخه ؟
استطيع ان اقول ان القوة على نوعين قوة ذاتية
تنبع من ذات الشيء و تلتصق به فيكونان شيئا واحدا لا يمكن فصلهما عن بعضهما البعض
و هناك قوة تأتي للشيء من شيء اخر فهي قوة مكتسبة او استقواء بشيء خارجي يكون
مفصول او يمكن فصله بطريقة معينة. العراق في سعيه الى انعقاد القمة العربية في
بغداد هذه الايام هو يبحث عن قوة من النوع الثاني فهو محاولة استقواء بالعرب وهنا
المفارقة فالعرب انفسهم يحاولون الاستقواء بغيرهم وكما يقال ( فاقد الشيء لا
يعطيه) , نريد لبلدنا ان يكون قويا بذاته لا بالاخرين , نريد لبلدنا ان يبحث عن
نقاط الضعف بداخله فيعالجها و يجد نقاط القوة فينشطها و يزيدها قوة و منعة اكثر
فاكثر ساعتها لن نحتاج للاستقواء بالاخرين و ساعتها سوف يحتاجنا الاخرون و يؤتون
لنا وهم يقدمون التنازلات لكي يجتمعون في بغداد.