مجالس المحافظات ..حتى لا يستمر الفشل
اعلن مجلس النواب انه سيناقش اليوم الثلاثاء
17/4/2012 التعديلات المقترحة على قانون المحافظات رقم 21 لسنة 2008 و قانون
انتخاب مجالس المحافظات رقم 36 لسنة 2008 , و الحقيقة لم استطع الاطلاع على مقترح
التعديلات لان البرلمان لم يعلنها بشكل رسمي لكي يجري نقاش عام حولها رغم اهميتها
البالغة و هذا قصور يسجل على البرلمان , بودي هنا ان اناقش هذا ما ينبغي ان تكون
عليه مجالس المحافظات و الاقضية و النواحي في العراق منطلقا من تحليل للتجربة التي
عايشناها في عمل هذه المجالس في الفترة الماضية و هي قصيرة نسبيا و لكنها غنية
بالدروس و العبر و الاخفاقات ايضا.
لا اريد الخوض في المواد الدستورية التي
تحدثت عن الادارة اللامركزية و التوجه الى هذا الاسلوب الاداري الجديد في العراق
ولكن اريد ان اثبت ضرورة تفعيل هذه المواد و اهميتها التي قد يعتقد البعض انها لا
تلائم طبيعة العراق الادارية و اقول ان التراجع عن اللامركزية الادارية تحت اي
ذريعة هي مقدمة للتراجع عن الديمقراطية و سيكون التراجع مجرد تمهيد اولي لعودة
المركزية الشديدة و السيطرة المطلقة للمركز كما كان معمولا به قبل 2003 .
كما من الضروري ان ادعو الجميع الى التركيز
على اعادة النظر في هيكلية المجالس التي تمثل الادارة اللامركزية و طريقة تشكيلها
و علاقتها مع السلطة التنفيذية في المحافظات بما يساعد على تصحيح الاخطاء التي
حدثت في الفترة السابقة بدلا من التفكير بالغاء او تحجيم الادارة اللامركزية.
تستغل الكثير من الجهات السياسية التي تسعى
الى التخلص من اللامركزية الادارية و التوجه نحو المركزية بقصد ترسيخ اقدامها في
الحكم و التمهيد لتشديد قبضتها على السلطة و لفترات غير محدودة تستغل الاخطاء التي
حصلت من قبل مجالس المحافظات في محاولة اقناع الناس بعدم جدوى اللامركزية علما ان
هذه الجهات ساهمت بطريق مباشر و غير مباشر في التسبب بهذه الاخطاء .
وبدلا من معالجة الاخطاء و اسبابها بروح
المسؤولية و الحرص على مستقبل العراق الديمقراطي المبني على اسس اللامركزية
الادارية تحاول الكيانات السياسية المستفيدة من هذه الظروف تجيير الوضع الى
مصالحها الخاصة البعيدة عن مصالح الشعب من خلال تجاهل اي محاولة جادة لاصلاح عمل
المجالس المعنية.
سوف اقدم هنا بعض المقترحات التي عرضتها
سابقا ولم اجد اهتمام بها من قبل اصحاب القرار رغم حرصي الشديد على ايصالها لكل
الجهات ذات العلاقة :
1-
رغم توجه العراق و منذ عام 2003 الى الادارة
اللامركزية و لكن بقيت التشكيلات الادارية القديمة هي نفسها تقريبا منذ ايام
السلطنة العثمانية و هي تشكيلات مركزية محضة وهي المحافظة و القضاء و الناحية ,
وهذا يقلل من نجاح اي تطور في الادارة اللامركزية و يجب اعادة النظر في هذه
التقسيمات الادارية و قد اشارت اكثر من دراسة انه من الافضل الغاء ( القضاء) و (
الناحية) لكونهما حلقة زائدة و الابقاء على ( المحافظة ) و ايجاد تقسيم واحد بدلا
من القضاء و الناحية كأن يكون اسمه على سبيل المثال ( بلدة) او (بلدية) او اي اسم
اخر يرمز الى تجمع سكاني محدد يعيش على رقعة جغرافية محددة , و هكذا تكون المحافظة
مقسمة الى عدد من ( البلدات) او ( البلديات) التي تتساوى في احقية توفير الخدمات
وليس كما يجري اليوم من توزيع الخدمات حسب ( تحضر) الوحدة الادارية و تقسيم السكان
الى حضر و ريف لان المواطن العراقي سواء كان في الريف او الحضر فهو يستحق نفس
الخدمات و من نفس المستوى هذا من باب الحقوق و من باب اخر حتى لا نستمر في مواجهة
ظاهرة الهجرة من الريف الى الحضر بحثا عن فرص العمل و الخدمات حتى اصبحت مدينة
واحدة او محافظة واحدة في العراق هي بغداد تؤي ربع سكان البلد وهذا خلل كبير يجب
الوقوف عنده كثيرا.
2-
من خلال معايشتنا الى عمل المجالس المحلية و
مجالس المحافظات و دراستنا لعملهم وجدنا ان المجلس المحلي ( على مستوى القضاء و
الناحية ) هو الاقرب و الاكثر تماسا مع المواطن و ان مجلس المحافظة و هو الابعد عن
المواطن و ان مجلس المحافظة يشبه في تعاطيه مع القضايا مجلس النواب من حيق
المماحكات و المساومات السياسية و المصلحية , عليه اجد من الضروري ان نعيد النظر
في طريقة تشكيل مجلس المحافظة . و اقترح ان يشكل هذا المجلس من ممثلين عن المجالس
المحلية و ليس عن طريق انتخاب مرشحين , وهذا يعني ان كل مجلس محلي يكلف عدد محدد
من اعضائه في تمثيله في مجلس المحافظة حسب نسبة معينة تخصص لهذا المجلس المحلي
بناء على عدد سكانه نسبة لمجمل سكان المحافظة, وهكذا نتخلص من انتخابات مجالس
المحافظات و الرواتب و الامتيازات التي تمنح لهم لان حسب هذه الطريقة المقترحة سوف
لن يتقاضى اعضاء مجلس المحافظة الجديد رواتب اخرى غير رواتبهم كاعضاء في المجالس
المحلية التي انتخبوا لها , و ستكون من واجبات مجلس المحافظة الجديد انتخاب
المحافظ و رؤساء الدوائر المركزية في المحافظة و مراقبة عملهم و سيكونون ممثلين
للمجالس المحلية و حلقة وصل بين هذه المجالس و مجلس المحافظة مع امكانية تبديلهم
من قبل المجالس المحلية التي يمثلونها في حالة عدم قيامهم بواجباتهم بصورة صحيحة.
3-
طريقة انتخاب اعضاء المجالس المحلية مهمة جدا
وذلك بعد ان تخلصنا من انتخاب مجلس المحافظة ( على افتراض اعتماد هذا المقترح) , و
افضل طريقة هي الترشح الفردي و الغاء القوائم بشكل كامل , وهكذا نتخلص من مشكلة
وصول اشخاص باصوات اخرين كما يجري في الانتخابات البرلمانية و نتخلص من سيطرة
قيادات الكيانات السياسية على الفائزين و التحكم بهم. وتفصيل المقترح هو ان يكون
لكل مجلس محلي رقعة جغراقية محددة تكون دائرة انتخابية مستقلة و سيكون من المعلوم
عدد مقاعد المجلس المحلي , يتم الترشح بشكل فردي للانتخابات المحلية و بعد فرز
كافة الاصوات يتم ترتيب المرشحين حسب اعداد الاصوات التي حصلوا عليها و يتم اختيار
التسلسلات الاولى حسب عدد المقاعد ليكونوا هم اعضاء المجلس المحلي , بالنسبة لكوتا
النساء التي اقرها الدستور حصريا لانتخابات مجلس النواب و عمل بها الى باقي
الانتخابات يمكن كذلك اعتمادها هنا بأن يؤخذ اول المرشحات النساء حسب الاصوات
ليشغلن مقاعد النساء.
4-
لا بد من اعادة النظر برواتب و امتيازات
اعضاء المجالس المحلية بحيث تكون القاعدة هي نزاهة و التزام المرشحين و ليس قاعدة
تحصين الاعضاء من المغريات المتبعة اليوم و قد فشلت فشلا ذريعا , كما ان الناس يجب
ان يفهموا انهم يتحملون مسؤولية انتخابهم لغير المناسبين لشغل هذه المواقع.
5-
زيادة الشروط في المرشحين من حيث المؤهل
الجامعي و التاريخ العملي و الخبرة العملية و اجتياز اختبار تجريه المفوضية العليا
المستقلة للانتخابات.
6- ابعاد المجالس المحلية عن قضية التعينات بشكل كامل و كذلك تفعيل الرقابة
الشعبية على عمل المجالس و اتاحة تقارير مفصلة عن عملهم لاطلاع الناس تحقيقا
للشفافية.
هذه بعض الامور التي ارى انها مهمة في تطوير
الادارة اللامركزية و هي خاضعة للنقاش و التطوير.
ماجد ابوكلل