مراجعة لمشروع قانون
المحكمة الاتحادية العليا
ماجد ابوكلل
يناقش مجلس النواب الاتحادي هذه الايام
مشروع قانون المحكمة الاتحادية العليا , يعتبر هذا القانون مهما لاستكمال اركان
السلطة القضائية , تعتبر السلطة القضائية في الانظمة الديمقراطية هي السلطة
الوحيدة من بين السلطات الثلاث التي يجب ان تكون غير مسيسة و مستقلة عن الانتماءات
السياسية بسبب وظيفتها المتمثلة في الفصل بين النزاعات التي قد تنشأ بين السلطتين
التشريعية و التنفيذية و لكونها الجهة الوحيدة المخولة بتفسير نصوص الدستور و
تمارس الرقابة على دستورية القوانين و الانظمة و التعليمات و الاجراءات التي تصدر
عن السلطتين التشريعية و التنفيذية .
وقد لاحظنا اهمية الدور الذي تلعبه المحكمة
الاتحادية العليا في العراق خلال السنوات الخمس الماضية عندما نقضت عدد من
التشريعات ( بشكل كامل او جزئي ) و عندما فسرت بعض مواد الدستور و نتج عن قراراتها
التفسيرية تقييد لصلاحيات مجلس النواب في اقتراح القوانين و كذلك نتج تغيير في
الكتل النيابية التي شكلت الحكومة .
نحن كمراقبين مهتمين باستمرار التجربة
الديمقراطية العراقية و تطويرها و الحرص على عدم اصابتها بأي انتكاسة نهتم بشكل
كبير بأن تكون المحكمة الاتحادية العليا تعمل وفق قانون ناضج و متطور يحافظ على
استقلالية عمل المحكمة و يمكنها من القيام بواجباتها على اكمل وجه مما يؤدي بالنتيجة
الى الحفاظ على النظام الديمقراطي و ديمومته.
مشروع القانون الذي يناقشه البرلمان حاليا
و تمت قرأته مرتين يحوي عدد من التي يمكن ايجازها بالاتي :
1- قرر المشروع ان عدد
اعضاء المحكمة الاجمالي هو 13 عضو منهم 9 قضاة بما فيهم رئيس المحكمة و نائبه و
منهم كذلك خبيرين من خبراء الشريعة الاسلامية و اثنين من فقهاء القانون الدستوري ,
و هناك اعضاء احتياط يمكن الاستعانة بهم في حالة غياب أي عضو من اعضاء المحكمة , و
اشترط القانون عدد من الشروط التي تخص الخبرة و النزاهة و عدم المحكومية ( وهي شروط
كافية تقريبا على افتراض ان جميع المرشحين للمناصب في المحكمة غير منتمين لأي جهة
سياسية ) , يمكن القبول و بدون جدال في تشكيلة المحكمة باستثناء خبراء الفقه
الاسلامي حيث يجادل البعض ان وجودهم هنا غير ضروري لكون القضاة و فقهاء القانون
يمكنهم لوحدهم القيام بواجبات المحكمة الاتحادية و الحقيقة ان اشتراط الدستور عدم
مخالفة التشريعات لثوابت احكام الاسلام هو الذي استدعى وجود خبراء في الفقه
الاسلامي فوجودهم مرتبط بهذا الشرط الدستوري.
2- قرر المشروع ان ترشيح
القضاة يكون عن طريق المحكمة الاتحادية العليا الحالية و مجالس القضاء (الاتحادية
و الاقاليم ) بواقع 3 قضاة لكل منصب , كما يكون ترشيح فقهاء القانون الدستوري عن
طريق وزارة التعليم العالي و يكون ترشيح خبراء الشريعة الاسلامية عن طريق ديواني
الوقف الشيعي و السني و بنفس النسبة المذكورة انفا , هنا لنا وقفة مع ترشيح خبراء
الفقه الاسلامي , فدواوين الاوقاف ليست الجهة الانسب لهذا الترشيح لكون طبيعة عمل
هذه الدواوين معروفة و ليست لها علاقة كبيرة بمسائل الفقه مقارنة بجهات اخرى مثل
الجامعات و تحديدا كليات الفقه الاسلامي بفرعيه الجعفري و المذاهب الاربعة , وقد
يكون من الافضل اناطة ترشيح خبراء الفقه الاسلامي بوزارة التعليم العالي حالهم
كحال فقهاء القانون الدستوري .
3- قرر المشروع ان
اختيار المرشحين و المفاضلة بينهم يكون عن طريق هيئة مشكلة من رئيس الجمهورية و
رئيس مجلس النواب و رئيس مجلس الوزراء و رئيس السلطة القضائية الاتحادية , وهنا
استطاع مشروع القانون ان يجد طريقة عملية و ذكية للتخلص من مشكلة المحاصصة التي
كانت ستواجه تشكيل المحكمة لو ترك الامر لمجلس النواب لاختيار المرشحين و يمكن
لهذه الهيئة في حالة رغبتها التخلص من مشكلة المحاصصة الحزبية ان تختار بطريقة
اكثر حكمة من بين المرشحين و تبعدهم ( أي المرشحين ) من أي ولاءات حزبية او سياسية
محتملة مع ضرورة مراعاة التوازن بين مكونات الشعب العراقي عند اختيار اعضاء
المحكمة من بين المرشحين.
4- لم يلتف المشروع الى
كيفية اتخاذ القرارات في المحكمة , هل هو بالأجماع ام بالأغلبية, و الظاهر انه ترك الامر الى المحكمة نفسها عندما
تضع نظامها الداخلي و لكن لأهمية الموضوع كان الافضل و الانسب ان ينص القانون على
طريقة اتخاذ القرار, وكما هو معروف فأن المحكمة الاتحادية العليا الحالية تتخذ
القرارات بالأجماع و بالتوافق و اعتقد ان بقاء الاجماع كطريقة للوصول الى القرار
افضل من اختيار الاغلبية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق