خواطر رمضانية 1
الضمان الاجتماعي
ماجد ابوكلل
قبل ايام تابعت برنامج عرض على قناة العراقية مع السيد وزير العمل و الشؤون الاجتماعية حول عمل وزارته , انا من المتابعين لموضوع الضمان و الرعاية الاجتماعية في العراق لانه يتصل بشكل مباشر بموضوع التنمية و هذا من اختصاص وزارة العمل و الشؤون الاجتماعية , عرض السيد الوزير المشاكل التي تعترض طريقه في تقديم الخدمات الى المواطنين و التي تمحورت في التشريعات القديمة التي ما زالت سارية المفعول رغم كونها غير صالحة لهذا الزمن فقد شرعت في زمن النظام البائد
الذي لم يكن يفكر كثيرا في موضوع الرعاية الاجتماعية لانشغاله في حروب و صراعات ( تاريخية) لفتح ( عكا و مكة), ومن الغريب بل من المستهجن ان تنشغل الحكومة و البرلمان الحالين في صراعاتهم السياسية و تبقي على التشريعات القديمة بدون تغيير و تتجه الحكومة الى القرارات التي تصدر من السيد رئيس مجلس الوزراء بدلا من القوانين لتوفير الحد الادنى من رواتب الرعاية الاجتماعية لفئة المرأة المطلقة و الارملة عن طريق تأسيس دائرة المرأة التابعة لمجلس الوزراء وليس وزارة العمل و الشؤون الاجتماعية.
الذي لم يكن يفكر كثيرا في موضوع الرعاية الاجتماعية لانشغاله في حروب و صراعات ( تاريخية) لفتح ( عكا و مكة), ومن الغريب بل من المستهجن ان تنشغل الحكومة و البرلمان الحالين في صراعاتهم السياسية و تبقي على التشريعات القديمة بدون تغيير و تتجه الحكومة الى القرارات التي تصدر من السيد رئيس مجلس الوزراء بدلا من القوانين لتوفير الحد الادنى من رواتب الرعاية الاجتماعية لفئة المرأة المطلقة و الارملة عن طريق تأسيس دائرة المرأة التابعة لمجلس الوزراء وليس وزارة العمل و الشؤون الاجتماعية.
على أي حال , اريد هنا ان اغوص في تاريخ الدولة الاسلامية الاولى و تحديدا في عهد امير الفقراء علي (ع) و انظر في اول القرارات التي اتخذها بعد توليه الحكم في موضوع الرعاية الاجتماعية , عندما استلم علي بن ابي طالب الحكم كانت وزارة المالية في الحكومة الاسلامية السابقة ( كانت تسمى بيت مال المسلمين) توزع رواتب سنوية ( كانت تسمى العطاء السنوي) بأمر من رئيس الدولة ( الخليفة) و هذه الرواتب تمنح لمواطني الدولة الاسلامية و تحديدا من الانصار و المهاجرين في المدينة المنورة ولا اعرف هل كانت الاقاليم تدفع مثل هذه الرواتب ايضا اما لا , لان المدينة المنورة كانت تعتبر هي المركز السياسي و الاقتصادي للدولة وفيها كانت تتخذ كل القرارات المهمة وهذا امتياز خاص بالمدينة و اهلها , المهم كانت وزارة المالية توزع رواتب متفاوتة في مقدارها حسب اوامر رئيس الدولة فكانت هذه الرواتب تمنح في حدها الاقصى الى امهات المؤمنين ثم الى المهاجرين و الانصار حسب اهميتهم و سابقيتهم في الاسلام ( أي كان هناك نظام الطبقات) فكانت ام المؤمنين تتقاضى راتبا سنويا يصل الى 200 دينار و يتنازل الراتب الى دراهم معدودة لمن هو اقل درجة حسب التصنيف المعتمد, هذه الطريقة ولدت طبقية في المجتمع المدني انعكست على الاقاليم التابعة للدولة الاسلامية و هذه الامور بحثت من قبل المؤرخين بشكل مفصل , عندما استلم الامام علي ابن ابي طالب الحكم اصدر قرارات كان من اولها الغاء نظام الطبقات في منح الرواتب السنوية من وزارة المالية و اصبح جميع اهل المدينة يتقاضون راتبا سنويا موحدا و على رأسهم رئيس الدولة نفسه و هذا الراتب هو 3 دنانير فقط و قد اثار هذا القرار مشاكل كثيرة للحاكم الجديد و اعتراضات من قبل المستفيدين سابقا من نظام الطبقات الذي استمر سنوات عديدة وكان رد الحاكم الجديد انه يساوي بين المسلمين و الله سوف يميز بينهم في الثواب يوم القيامة وكان جوابا منطقيا , والحقيقة لا اعرف هل تم تعميم هذا الاجراء على كل الاقاليم الاسلامية ام لا ولكني اتذكر كتاب علي (ع) الى مالك الاشتر عندما ولاه مصر و اوصاه فيه على متابعة شؤون الرعية و اعانتهم على امورهم من بيت مال المسلمين في مصر و ارسال الفائض الى العاصمة , هذا النظام الذي اسسه علي ابن ابي طالب قبل اربعة عشر قرنا كان نظاما عادلا في حينه ولم يسبقه نظام اخر اقتبس منه حتى في زمن رسول الله مؤسس الدولة لم يكن هناك نظام مشابه لكون الدولة الاسلامية كانت لا تملك موارد ضخمة في العهد الاول كما اصبحت تملكها في فترات حكم الخلفاء من البعد الرسول.
اليوم نحن في القرن 21 ميلادي و قطعت الانسانية شوطا طويلا من التطور الفكري و الحضاري و من العيب ان يكون ماضينا افضل من حاضرنا , ويكون قديمنا مبتكر و مبدع و جديدنا متخلف و جامد , نحتاج الى ثورة حقيقة في ميدان الضمان الاجتماعي تعبر بنا الى واقع يحترم الانسان و يجعل منه الغاية والوسيلة و يعتبر استثمار الموارد في بناء الانسان و تربيته و تعليمه هو الاستثمار الحقيقي و الواجب على جميع مؤسسات الدولة و ان من واجب الدولة ان تسخر كل الامكانيات لانجاز هذا الهدف وليس من المقبول اليوم ان يخرج وزير العمل و الشؤون الاجتماعية و يقول ان اليتيم او المودع في دور الرعاية يجب ان يغادر دار الرعاية فور بلوغه الثامنة عشر ان كان ذكر او انثى و الوزير مجبر على ذلك فهذا هو القانون الظالم و الجائر فهل من المعقول ان يطرد والد ولده او بنته عندما تبلغ الثامنة عشر من عمرها هل هذا معقول ؟؟
من اهم المواضيع التي يجب على البرلمان و الحكومة الاهتمام بها هو موضوع الرعاية الاجتماعية و قد سبق لي ان نشرت دراسة حول هذا الموضوع ولكن لم استلم أي استجابة من أي جهة فقط تجاهل و برود كانه برود الاموات .