مراجعة لمشروع قانون الاحزاب
ماجد ابوكلل
الاحزاب السياسية
ركن مهم و اساسي من اركان النظام الديمقراطي , و بدون تقنين عمل الاحزاب السياسية
بكل تفاصيل هذا العمل المتشعب لا يمكن للأنظمة الديمقراطية ان تستقر و تزدهر و
تتطور , لذلك ترى الكثير من البلدان المهتمة بالديمقراطية تحرص على صياغة قوانين
تنظم عمل الاحزاب تستجيب للتحديات التي تواجه مجتمعاتها في مجال تطبيق الديمقراطية
و من المعروف ان هناك تحديات كثيرة تبرز على فترات زمنية مختلفة و هذا يدفع
المفكرين و السياسيين الحريصين على مستقبل الديمقراطية في بلدانهم ان يكونوا يقظين
في مواجهة هذه التحديات و يضعون لها المعالجات المناسبة و قد تقتضي هذه المعالجات
ان يعدل القانون .
في العراق هناك
تجربة تاريخية مع التشريعات التي تنظم العمل الحزبي يمكن للمهتمين الرجوع لها و
هذه التجربة تمتد من عشرينيات القرن المنصرم و لغاية صدور اخر تشريع من سلطة
الائتلاف الدولي المنحلة و لكننا اليوم امام تشريع جديد قرأ في البرلمان القراءة
الاولى يوم 8 كانون الثاني الجاري و ننتظر القراءة الثانية قريبا , و لأهمية
الموضوع سوف نراجع مسودة المشروع من زوايا معينة .
1-
جهة التسجيل و المراقبة :
نص مشروع القانون على ان تؤسس دائرة تسمى ( دائرة
الاحزاب ) في وزارة العدل يرأسها موظف بدرجة مدير عام تكون مسؤولة عن تسجيل
الاحزاب و مراقبة عملها , و الجميع يعلم ان هذه الوزارة مثل غيرها من الوزارات
خاضعة للمحاصصة السياسية و بالتالي هي حصة حزب معين فكيف لنا ان نضمن استقلال و
حيادية عملها تجاه باقي الاحزاب ؟ و في تصوري ان هذا غير ممكن و سوف يؤدي الى
مشاكل كثيرة , كان من الافضل تأسيس هذه الدائرة ضمن المفوضية العليا المستقلة
للانتخابات ( لكون المحاصصة هناك اكثر اتساعا و ليست لحزب بعينه ) و مما يرجح هذا
الرأي كون مشروع القانون قد جعل من مشاركة الحزب في الانتخابات شرطا لديمومته و
كذلك جعل من مشاركة الحزب في الانتخابات هدفا رئيسيا يسعى له .
2-
التنمية الحزبية و السياسية :
اغفل مشروع القانون موضوعي التنمية الحزبية و السياسية و
هما من المواضيع المهمة التي يحتاج العراق لهما اليوم حاجة كبيرة بعد تلكؤ التجربة
الحزبية منذ 2003 لغاية الان , للأسف لم يبذل المشرع جهدا في تضمين مشروع القانون
نظرة تنموية و كان الاجدر بمن صاغ هذا المشروع ان يحلل المشاكل التي تعاني منها
البيئة الحزبية العراقية بشكل عام و يضع لها بعض المعالجات الممكن و التي يمكن بعد
تعافي هذه البيئة منها ان ترفع من القانون بتعديل لاحق , من هذه المعالجات موضوع
الارتقاء بمستوى اعضاء الاحزاب السياسية الثقافي و الفكري و كذلك تحفيز الاحزاب
السياسية لتلعب دورا نشطا في تكوين الوعي السياسي الوطني و في استنباط الحلول
للمشاكل العراقية و لمختلف المناطق من خلال تحفيز الانتاج الفكري , من الضروري
النظر الى الاحزاب السياسية على كونها مدارس اعداد للقادة و ليست مجرد مكائن
تسعى الى السلطة فقط , لذا اعتقد ان الشروط التي وضعها المشرع على المؤسسين غير
كافية و لا بد من اضافة شرط اخر يساهم في رفع المستوى الثقافي لمجموعة المؤسسين
مثل اشتراط حصول اغلبية المؤسسين على الشهادة الجامعية الاولية و كذلك اشتراط
القراءة و الكتابة على اقل تقدير لمن يرغب بالحصول على عضوية الحزب , كما ان
المشرع اغفل موضوع التمييز الايجابي بالنسبة لوجود المرأة في الاحزاب السياسية ,
ففي حين اشترط الدستور وجود نسبة لا تقل عن الربع من اعضاء البرلمان من النساء نجد
ان مشروع القانون لم يتطرق لها الموضوع و كان الاجدر بالمشرع اشتراط نصف او ثلث
المؤسسين من النساء و كذلك نسبة مشابه لعموم الاعضاء.
3-
الفصل بين الوظيفة الحكومية و العمل الحزبي :
لم يرد في مشروع القانون اي اشارة لموضوع استغلال
المناصب الحكومية من قبل شاغليها لمصلحة الاحزاب السياسية التي ينتمون لها , وهذه
مشكلة تواجه الواقع الحزبي في العراق , كان الافضل بحث هذه المسالة و محاول ايجاد
حلول كأن يكون هناك تجميد مؤقت لعضوية اي شخص يشغل منصبا تنفيذيا مرموقا في
الحكومة لكي نمنحه الفرصة ليبتعد عن استغلال المنصب الحكومي لمصلحة الحزب او حلول
اخرى.
4-
تمويل الاحزاب من المال العام :
وضع مشروع القانون صيغة محددة لتمويل الاحزاب من المال
العام , لا باس ان يكون هناك مثل هذا التمويل و لكن الخشية من استغلال المال العام
بطريقة غير قانونية , وضع مشروع القانون عدد من المحددات لتمويل الاحزاب منها منع
التبرعات من المؤسسات الحكومية الى الاحزاب و لكنه لم ينص صراحة على منع التبرعات
من المجهولين و كذلك لم يحدد مبلغ التبرع من كل شخص الى الحزب السياسي بل ترك
الامر بلا تحديد و هو بلا شك سيؤدي الى مشاكل كثيرة.
5-
التمويل الاجنبي للأحزاب :
منع مشروع القانون الاحزاب السياسية العراقية من تلقي او
ارسال الدعم او الهدايا من الاجانب و لكنه سمح بشكل من اشكال هذا الدعم الاجنبي
اخذا و عطاءا بشرط موافقة دائرة الاحزاب و هنا مشكلة اخرى , كان الافضل هو المنع
المطلق و المشدد للتخلص من تدخل الاجانب في تمويل الاحزاب العراقية و للحفاظ على
اموال العراق التي تمنح لأحزابنا من ان تخرج الى احزاب اجنبية.
هذه بعض الملاحظات و قد نعود في ملاحظات اخرى..
لمن يود الاطلاع على مشروع القانون اضغط هنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق