دور مؤسسات المجتمع المدني في تطوير السياسات
العامة
ماجد ابوكلل
بداية يجب التفريق بين السياسة العامة (Policy Public) و بين السياسة (Politics ) , من الممكن ان نعرف السياسة
بانها فن او علم للوصول الى السلطة و الحفاظ عليها و ممارستها و هي ميدان الاحزاب
السياسة بالدرجة الاولى , اما السياسة العامة فهي نظام او دليل مبادئ ينعكس على
جميع القرارات و التشريعات التي تخص قضية معينة من القضايا العامة , هذا يعني ان
السياسة العامة تهم عموم الناس اكثر من السياسة نفسها لان السياسات العامة تؤثر
بشكل مباشر في حياة الناس جماعات او افراد و يحاول هؤلاء الناس صياغة او تشكيل
السياسات العامة التي تعتمدها الحكومة او البرلمان بطريقة تزيل المشاكل التي
تواجههم في حياتهم اليومية او بما يتفق مع ارائهم و معتقداتهم و رؤاهم .
نسمع كثيرا عن سياسات عامة لقضايا مهمة مثل السياسة
المالية , سياسة ضريبية , سياسة الحد من الفقر , سياسة الخصخصة ...الخ , كل هذه
الميادين المهمة لها سياسات عامة وضعتها الحكومة او البرلمان و تقوم بتنفيذها و
تلزم القضاء ايضا بتنفيذها من خلال التشريعات استنادا الى الدستور و من المؤكد ان النخب
السياسة الحاكمة هي التي تصوغ هذه السياسات العامة طبقا لرؤاها و أيدولوجيتها و
مصالحها.
اذا اردنا ان نسقط مفهوم السياسة العامة على الحالة
العراقية سنجد ان هناك عدد من هذه السياسات العامة التي ترسخت في العراق ومنها على
سبيل المثال لا الحصر :
1- سياسة توزيع المناصب و الوظائف بالمحاصصة
الحزبية ( سياسة المحاصصة ).
2- سياسة التخفيف من الدعم الحكومي للبطاقة
التموينية و الوقود .
3- سياسة الخصخصة .
و هناك سياسات عامة معلنة و لكن تطبيقها ضعيف و منها على
سبيل المثال لا الحصر :
1- سياسات مكافحة الفساد.
2- سياسات الحد من الفقر.
3- سياسة حماية الصحفيين و الاعلاميين و حماية حق
التعبير عن الرأي.
ان ترك صياغة و تنفيذ السياسات العامة للكيانات السياسة
و ممثليها في السلطتين التشريعية و التنفيذية على المستوى الاتحادي او الاقليمي او
المحلي سوف يؤدي الى نتيجة واحدة اكيدة و هي تغليب المصالح الحزبية و الفئوية و
الشخصية على المصالح العليا للشعب و البلد وهذا ما شهدناه طيلة السنوات القليلة
السابقة و هناك امثلة كثيرة عليه .
هنا يأتي دور مؤسسات المجتمع المدني في العراق , هذا
الدور يتمثل بالتالي :
1- دراسة المشاكل التي تهم المواطن العراقي في
مختلف المحافظات و ترتيبها حسب الاولوية و محاولة وضع الحلول الممكنة لها.
2- تقديم هذه الحلول الى مختلف اصحاب المصلحة مثل
المواطنين و السياسيين و الاعلاميين و غيرهم على ان يحدد دور كل فئة من هذه الفئات
و مدى تاثرها و تأثيرها في المشكلة محل البحث و مقدار مساهمة كل فئة حاليا في حل
المشكلة او تعقيدها و كيف يمكن تغيير هذا الواقع مستقبلا لتحقيق الحلول التي
قدمناها .
3- في اغلب الحالات نحتاج كمؤسسات مجتمع مدني الى
التخطيط لحملات مدافعة لتحقيق التأثير المطلوب في تطوير السياسات العامة
المستهدفة.
هنا نعرف الفرق بين مراكز الابحاث بمختلف انواعها و بين
مؤسسات المجتمع المدني و العلاقة التبادلية التي يمكن ان تنشا بين الاثنين ,
فمراكز الابحاث think tank (policy institute, research institute, etc.) مهمتها الرئيسية هي كتابة اوراق السياسات العامة و تقديم البحوث
و نشرها و لكن ليس من مهمتها الرئيسية تنظيم و تنفيذ حملات المدافعة و تحشيد
الجمهور و ما الى ذلك و لكن نجد ان مؤسسات المجتمع المدني تلعب في كثير من الاحيان
دورين هما دور مركز الابحاث و دور منظم حملات المدافعة و يمكن ان تتفق مؤسسة
المجتمع المدني مع باحث او مع مركز ابحاث متخصص لكتابة ورقة سياسات عامة حول موضوع
معين ثم تتبنى هذه الورقة و تنظم حملتها بناء على هذه الورقة و ما تحتويها من حلول
مقترحة او تصورات و توصيات.
من الضروري ان تلتفت مؤسسات المجتمع المدني العراقية
لموضوع اوراق السياسات العامة و تركز عليها لتفعيل الشراكة بينها و بين الحكومة
على المستويات الاتحادية و الاقليمية و المحلية و كذلك مع البرلمان الاتحادي و
بدون هذه الاوراق لن يكون لدينا شيء نقدمه في جانبنا من الشراكة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق