2016/01/01

حتى لا نفشل

 
حتى لا نفشل
حتى لا نفشل  
حتى لا نفشل
  ماجد ابوكلل   اثبتت مؤسسات المجتمع المدني و الناشطين المدنين في العراق خلال الفترة الماضية قدرتهم على تنظيم الاحتجاجات و التظاهرات و الاستمرار بها لايصال الصوت المدني غير المتحزب و غير المحسوب على طائفة او عرق معين ,ان فشل الاحزاب السياسية ( الطائفية ) الحاكمة الذي ادى بالعراق الى الأزمات المتتالية و على مختلف الصعد و المستويات دفع القوى المدنية ( ناشطين و مؤسسات ) الى التصدي و الظهور بشكل علني و واضح لقيادة الشارع المحتج و بالتالي دفع عدد من الناشطين المدنين الثمن من خلال تعرضهم الى التهديد و الاعتقال و حتى الخطف و القتل ,لكن الحقيقة المؤلمة التي لا بد من الاعتراف بها هي ان النخب المدنية التي خرجت في الاحتجاجات و التظاهرات و التي كتبت و تكتب لتشخيص حالات الفساد و اسبابه و الفشل في الأداء الذي تتصف به اجهزة الحكومة المختلفة هذه النخب لا تملك مشروع اصلاحي ( متكامل )  يمكنها في حالة فتح القنوات المطلوبة لتنفيذ رؤيتها ( على سبيل الافتراض ) من قيادة العراق الى بر الأمان و تغيير حالة الفشل الى حالة من النجاح و انا على قناعة ان هذه النخب المدنية ستفشل حالها حال اي جهة او حزب يتمكن من الوصول الى السلطة في العراق بسبب المنظومة التشريعية و الادارية و السياسية السائدة حاليا. اذا ماهو الحل ؟ أتصور ان هناك واجب وطني يقع على عاتق النخب المدنية يجب ان تقوم به و كلما سارعت الى انجازه في وقت مبكّر كان افضل و هذا الواجب يتمثل في اعداد مستلزمات التغيير الإيجابي الذي يمكن ان يساعد النخب المدنية في النجاح في إنقاذ العراق من خلال تغيير حاله وهذا ممكن و متوقع في حالة استثمار تغير قناعات الشارع العراقي وفي حالة نضج النخب المدنية سياسيا و تنظيم حراكها على المستوى الوطني و الدولي بحيث تطور مشروعها الاحتجاجي الحالي الى مشروع يمتلك رؤية سياسية متكاملة تعتمد المبادرة و تجعل من مصالح العراق العليا هدف تسعى اليه. وحتى نصل الى المشروع السياسي الناضج للنخب المدنية لا بد من تحليل عدد من الادوار الفاعلة حاليا على الساحة العراقية و معرفة كيفية التفاعل مع هذه الادوار و الأطراف و المصالح التي تقف ورائها و عدم البقاء بعيدين عن القوى الفاعلة داخليا و خارجيا و التي اثرت و ستأثر على الوضع السياسي في العراق حاليا و مستقبلا ,لا اريد الخوض كثيرا في تحليل موضوع الأطراف الخارجية و لكن سأركز على بعض النقاط المهمة التي يجب على النخب المدنية ان تلتف لها و تستعد من الان لاستثمارها لتحقيق النجاح في حالة وصولها الى السلطة. 1.البيئة التشريعية : الان العراق يشهد فوضى تشريعية مقصودة تستهدف ارباك العمل الحكومي مما يؤدي الى استمرار حالة الفشل ,المطلوب و بشكل مستعجل ان يقوم المجتمع المدني بتاسيس تحالف او ائتلاف او شبكة متخصصة في اعادة النظر في كل التشريعات العراقية النافذة منذ تاسيس الدولة العراقية الحديثة الى يومنا هذا,على ان تستقطب هذه الشبكة الخبرات و الشخصيات الاكاديمية المتخصصة في التشريع و القوانين على ان تستهدف في عملها تشخيص التقاطعات و التناقضات و الغموض في اكثر من ٢٧ الف تشريع في العراق بين ساري و غير ساري على ان تقوم الشبكة بتثبيت رؤية واضحة للدولة العراقية الحالية تتفق مع التغيرات التي جرت بعد عام ٢٠٠٣ و بما يحقق التحول الى بيئة قانونية متجانسة و غير متناقضة مع توجهات العراق في اللامركزية و الاستثمار الخاص و العدالة الاجتماعية و حقوق الانسان و الشفافية و حق الحصول على المعلومات. 2.السلطة القضائية : لا بد من التركيز على إصلاح و تطوير السلطة القضائية باعتبارها احد أركان الدولة العراقية الحديثة و الارتقاء بعمل هذه السلطة بعد ان شهدت الكثير من التسيس في الفترة الماضية و يمكن للنخب المدنية ان تستقطب عدد من الخبرات القضائية المتقاعدة المشهود لها بالخبرة و النزاهة لوضع دراسة إصلاح و تطوير السلطة القضائية على ان يتم مناقشتها في ورش متخصصة بهدف إنضاجها و جعلها تحت اليد لحين امكانية تنفيذها. 3.الاصلاح الاقتصادي : يلعب الاقتصاد دورا مهما في الاستقرار الاجتماعي للبلد ,لم تستطع الحكومات العراقية منذ ٢٠٠٣ لغاية الان القيام بالاصلاحات الاقتصادية التي يطمح لها الشعب ,فما زال النفط المورد الرئيسي لتمويل الموازنة العامة للدولة و ما زال القطاع العام هو المشغل الرئيسي للأيدي العاملة و ما زالت البطالة تطال نسبة عالية من الشباب و ما زال الفقر في مستويات عالية رغم الإيرادات النفطية الكبيرة التي تحققت خلال العقد المنصرم ,لذا لا بد للنخب المدنية من تشكيل شبكة او ائتلاف متخصص يستقطب الخبرات الاقتصادية العراقية بهدف دراسة افضل السبل للإصلاح الاقتصادي الذي يعرقله مصالح فئات صغيرة و لكنها متحكمة في مراكز القرار الحكومي و كذلك لا بد من الالتفات الى موضوع معالجة ظاهرة الفساد المالي و الاداري الذي ينتشر في مفاصل الدولة العراقية المدعوم بالمحاصصة السياسية ( الطائفية و العرقية ). 4.إصلاح الموازنة العامة : الهدر و الاسراف و انعدام الرؤية و التخطيط الصحيح و فوضى التنفيذ صفات تنطبق على الموازنة العامة للدولة في العراق ،نحتاج الى تاسيس شبكة او ائتلاف مدني متخصص للضغط في سبيل إصلاح الموازنة العامة على ان تقدم هذه الشبكة رؤية علمية للإصلاح و تعمل على تنفيذها. 5.الملف الخدمي : المحور الاخير هو الملف الخدمي الذي شهد تلكؤ كبير و الذي يعتبر المؤشر الابرز على نجاح الحكومة من عدمه و المؤشر الابرز على رضا المواطنين من عدمه ,لابد من تشكيل شبكة او ائتلاف متخصص في هذا الملف يستقطب الخبرات و الكفاءات الوطنية المعروفة بالنزاهة و الخبرة لدراسة افضل السبل لتقديم الخدمات الى المواطنين بكفاءة و نجاح.   هذه النقاط الخمسة يجب ان يستعد لها المجتمع المدني و يهيئ سبل النجاح فيها مبكرا بحيث يكون على استعداد في حالة تمكنه الوصول الى السلطة كليا او جزئيا و كذلك في حالة استجابة الاحزاب السياسية لأطروحاته و الاستماع لمطالبه بحيث ينتقل الحراك المدني من صفحة الاحتجاج و التشكي الى صفحة المبادرة بالحلول .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...