2011/08/26

السلطة التشريعية ....عقل الامة 6

عمل النواب 
السلطة التشريعية في حقيقتها عبارة عن عدد من النواب الذين انتخبهم الشعب , وفي الانظمة الديمقراطية البرلمانية يكون تشكيل الحكومة من قبل الاكثرية البرلمانية و هذه الحكومة ستكون مستمرة باداء اعمالها ما دامت هناك اكثرية برلمانية تدعمها .
وهكذا فأن الاحزاب السياسية التي تدخل الانتخابات البرلمانية امامها طريقين اما ان تدخل الانتخابات منفردة وهي تشعر بقدرتها على تحقيق الاغلبية في البرلمان و بالتالي فان الحزب السياسي يعلن منذ البداية اسم مرشحه لرئاسة الوزراء و تشكيلته الوزارية , او يشكل الحزب ائتلاف سياسي مع باقي الاحزاب القريبة منه و يوزع المناصب الحكومية قبل الانتخابات و يخرج على الناخبين بتشكيلة متكاملة قبل الانتخابات وهذا يجري في بريطانيا على سبيل المثال , اما الطريق الثاني فهو دخول الحزب الانتخابات منفردا و هو على يقين بعدم قدرته على تحقيق الفوز منفردا و بعد الانتخابات و اعلان النتائج تجري مفاوضات بين الاحزاب لتشكيل حكومة ائتلافية .
القاعدة التي يرجع لها في الانظمة الديمقراطية هي ( حكم الاغلبية) و بالتالي يكفي اتفاق نصف + 1 من عدد النواب في البرلمان لتشكيل الحكومة وهذه القاعدة المغيبة في النظام الديمقراطي العراقي و حل محلها ابتكار عراقي فريد هو (حكومة التوافق) اي ان يكون لكل الكيانات السياسية الممثلة في البرلمان حصة في الحكومة وهذا نظام شاذ لا يوجد له مثيل في العالم اليوم وهو نظام يحمل في احشائه بذور الفشل الذي يتعاظم كل يوم من ايام هذا الحكومة التوافقية .
فلو اردنا ان نرى ديمقراطية فعالة في العراق لا بد من الاحزاب السياسية ان تعلن و قبل فترة كافية من الانتخابات البرلمانية عن تشكيل ائتلافات تضم كافة الالوان العراقية السياسية و تحدد المرشحين للمناصب الكبرى حتى نتخلص من التصارع على هذه المراكز بعد الانتخابات مما يطول من فترة تشكيل الحكومة , كما ان تفعيل قاعدة ( حكومة الاغلبية) سوف يجعل من الديمقراطية العراقية ديمقراطية حقيقية والا فلا يمكن ان يكون في العراق نظام ديمقراطي فعال .
بعد تشكيل البرلمان و تشكيل الاغلبية البرلمانية و فوز حكومة الاغلبية بثقة البرلمان , سيكون هناك واجبين مهمين هما التشريع و الرقابة , ولكن السؤال المهم هو هل يجب ان يكون للاغلبية البرلمانية رؤية واضحة لكي تمارس هذين الواجبين ؟
الاجابة بالتاكيد : نعم , الرؤية و السياسة الواضحة و البرامج الحكومية , كل هذه المباحث المغيبة في الانتخابات البرلمانية العراقية لغاية اليوم فلا الناخبون يسألون عنها ولا الكيانات السياسية تعلنها او تناقشها ولا الاعلام  يركز على هذه المباحث , وكما يقولون الاخوة في مصر ( الذي اوله شرط اخره نور ) للاسف لا توجد شروط على الفائزين فلا يستطيع الشعب بالتالي محاسبة الكيانات الفائزة بشكل موضوعي على وعودهم فهي وعود مطاطة و عامة .
نعود للرؤية ونقول لا بد للكيانات السياسية الديمقراطية من اعلان رؤية واضحة و ترجمتها الى سياسات و برامج تستجيب الى المشاكل العامة على المستويين المحلي و الوطني و الداخلي و الدولي.
اذا بعد اعلان كل ذلك ياتي دور المشرعين في مجلس النواب لترجمة هذه الرؤية و السياسات و البرامج الى قوانين و قرارات تتيح للسلطة التنفيذية العمل بشكل سلس و يمكن للبرلمان بعد ذلك القيام بواجبه الرقابي على مدى التزام السلطة التنفيذية بالقوانين و القرارات التي اصدرها البرلمان و مدى التزام السلطة التنفيذية بروح الرؤية التي اتى بها البرلمان او لنقل الاغلبية البرلمانية الحاكمة.
من اهم مستلزمات نجاح السلطة التشريعية في اداء واجباتها هو تحقق  تدفق المعلومات و البيانات الخاصة بعمل السلطة التنفيذية بشكل كامل الى اعضاء السلطة التشريعية و بدون اعاقة من قبل اي جهة كانت لان اي اعاقة تمثل محاولة لاخفاء معلومات عن مخالفة او تجاوز محتمل على القوانين و القرارات و بالتالي اعاقة عمل البرلمان في ممارسة الرقابة وهذا يؤدي الى تقصير في عمله.
من اساليب الرقابة الناجحة هو اسلوب الرقابة من خلال الموازنة , وهذا الاسلوب مبني على ان اي نشاط حكومي لا بد له من التمويل و بالتالي من خلال مراجعة الموازنة الحكومية ( وهي خطة الانفاق المالي للعام القادم) يمكن للبرلمان معرفة عمل السلطة التنفيذية و بالتالي مراقبة انجاز هذه الاعمال على افتراض ان الموازنة قد نالت موافقة السلطة التشريعية , و يمكن مراجعة الانجاز من خلال مراجعة الحسابات المالية الختامية بعد انتهاء العام وهنا نسجل ان وزارة المالية ارتكبت و ترتكب تقصير من خلال عدم ارسال الحسابات الختامية الى البرلمان في الوقت المحدد , كما ان وزارة المالية مقصرة بشكل واضح عندما اوقفت العمل بنظام الادارة المالية الالكتروني ( FIMS ) و الذي انفقت عليه عشرات الملايين من الدولارات و تدرب عليه العشرات من الموظفين و كان بمكن لهذا النظام ان يتيح معلومات مالية فورية للسلطة التشريعية و لكنه اغتيل .
 تعتبر الرقابة المالية من اهم واجبات السلطة التشريعية , ولكن للاسف يعاني اعضاء البرلمان من قلة المؤهلات العلمية و العملية بالنسبة لادارة المال العام .
اتاح الدستور طريقين للسلطة التشريعية لاصدار القوانين اما بمشروع مرسل من الحكومة او مقترح من قبل عدد من النواب , و قد اصدرت المحكمة الاتحادية العليا قرارا يمنع تقديم مقترح قانون من النواب اذا لم يحصل على موافقة مسبقة من الحكومة , وهذا القرار هز اسس الديمقراطية و فصل السلطات و هذا القرار من السقطات العديدة التي تعتبر مجاملة من السلطة القضائية للسلطة التنفيذية .
كنا نتوقع من السلطة التشريعية ان تنشط في مراجعة كل التشريعات السابقة و الغاء اي تشريع يخالف الدستور العراقي و التوجه الجديد للدولة العراقية و لكن للاسف الخلافات و الصراعات الهامشية بين الكيانات السياسية ادى الى عدم قيام السلطة التشريعية بهذا الواجب بل و ادى كذلك الى عدم تشريع قوانين مهمة مؤثرة في الاقتصاد العراقي و مؤثرة في الحياة اليومية للمواطن العراقي و عدم تشريعها ادى الة خسارة العراق لوارادات تقدر بالمليارات من الدولارات , ومن الشكوك التي اثيرت هنا ان الكيانات السياسية قد اثرت مصالحها الخاصة و مصالح اصدقائها من دول الجوار على مصلحة العراق العليا و عرقلت عن قصد اقرار قوانين مهمة مثل قانون النفط و الغاز على سبيل المثال.
ان افتقار البرلمان العراقي الى خطة تشريعية معلنة و ثابتة و معلنة ترتب اولويات التشريعات المهمة على ان يحترمها البرلمان و يلتزم بها ادى الى ضعف اداء البرلمان و غياب دوره المهم عن الساحة السياسية .
كذلك ادت طريقة الحكم التوافقي الى عدم وجود معارضة برلمانية حقيقية و واضحة وهذا بسبب اشتراك الجميع في التشكيلة الحكومية فيكون الجميع اصحاب مصلحة في استمرار الحكومة و التستر على الفساد و بالتالي غياب الدور المعارض الذي يعتمد عليه في تنوير الشارع بأي تجاوز او مخالفة ترتكبها الحكومة وبالتالي ضياع امكانية التوازن بين القوى في البرلمان و شل عمله , و كذلك ترى الشركاء يتصارعون على النفوذ و الغنائم من الداخل مما يؤدي الى تأكل الجهود و ضياعها و بالتالي خسارة كبيرة في الوقت و الجهد و المال يتحمله الشعب المسكين.
تبذل الحكومة جهود كبيرة لتحجيم عمل البرلمان و ابعاده عن اداء دوره , نحن بحاجة الى تطوير عمل البرلمان و خصوصا في مجال الرقابة , لذلك يجب دراسة الاشكالات التي تواجه تنظيم العلاقة بين البرلمان و الحكومة , و اعتقد ان حصر العلاقة في وزارة الدولة لشؤون مجلس النواب يحجم من نشاط البرلمان و الافضل ان تكون العلاقة مباشرة بين اللجان البرلمانية و الوزارة المختصة , كما ان تدخل الاعضاء بشكل فردي في عمل الوزارات غير مقبول فان ابعادهم بهذا الشكل غير مقبول.

هذه بعض الملاحظات عن تطوير عمل السلطة التشريعية ولو بشكل مختصر.

2011/08/25

السلطة التشريعية ....عقل الامة 5

امتيازات النواب
على اي اساس تحتسب امتيازات اعضاء السلطة التشريعة ؟ 
هناك فلسفة اعتمد البعض عليها في تصميم امتيازات اعضاء السطلة التشريعية في العراق بعد عام 2003 ومنها نثبت النقاط التالية:
1- ان سياسة النظام السابق في التخلص من اي معارضة سياسية داخل العراق جعلت من البلد ساحة شبه خالية من الناشطين السياسين و بالتالي يجب بناء طبقة سياسية عراقية و دعمها لكي تعتمد على نفسها ماديا ولا تلجاء الى الخارج في التمويل كما كانت تفعل قبل 2003 , و افضل طريقة لتمويل الطبقة السياسية الجديدة هي من خلال منحهم الامتيازات المادية الكبيرة و التي تفوق كثيرا اي امتيازات تمنح لاي موظف عراقي حتى يشارك النواب في تمويل كياناتهم السياسية .
2- ان طبيعة تكوين النفسية العراقية قبل 2003 هي العزوف عن العمل السياسي بسبب البطش و التنكيل و القمع الذي مارسه النظام المقبور ضد المعارضة و بالتالي ابتعد اكثرية المواطنين عن العمل السياسي و بعد 2003 لا بد من طرح مغريات كبيرة لكي نشجع النخب على العودة للعمل السياسي.
3- العمل السياسي من خلال السلطة التشريعية بل ومن خلال باقي السلطات يعرض الانسان الى مغريات مادية كبيرة وحتى نحصن او نساعد العاملين على مقاومة هذه المغريات لا بد من منحهم الامتيازات المادية الكبيرة .

هذه بعض مرتكزات الفلسفة التي اعتمدت لمنح الرواتب و الهبات الضخمة لاعضاء السلطة التشريعية في العراق بعد 2003 , فهل افلحت هذه الفلسفة في تحقيق هدفها ؟
الاجابة : كلا .
نريد اليوم فلسفة جديدة تؤسس لنظام جديد للحوافز و الامتيازات المادية لاعضاء السلطة التشريعية وحتى التنفيذية تبنى هذه الفلسفة على الاسس التالية:

1- التحصين الذاتي و العمل التطوعي و الرقابة المستمرة و الشفافية في التعامل امور يجب توفرها كسلوك نمطي لدى الشخصيات التي تعمل في السلطة التشريعية , لاننا مهما منحنا من امتيازات مادية لهذه الشخصيات فالمغريات ستكون اكبر بكثير.
2- من مستلزمات الوظيفة العامة ان يكون الشخص على قدر كبير من العصامية و نكران الذات و الايثار والا فلن ينجح في عمله. و شخص بهذه الصفات لن يحتاج الى امتيازات كبيرة لكي يبتعد عن الفساد و الشبهة.

اعتقد جازما ان حسن اختيار المرشحين من قبل الكيانات السياسية و من قبل المقترعين و توفير الشروط في المرشح التي سبق لنا الحديث عنها في موضوع سابق هذه الامور كفيلة بوصول اشخاص يمكن الاعتماد عليهم و يمكنهم خدمة الشعب بصورة صحيحة.
ان عظم الامتيازات الممنوحة لاعضاء السلطة التشريعية فتح الباب على مصراعية لكل الطامعين في هذه الامتيازات للتصارع مع الاخرين و استخدام الطرق الملتوية و التجاوز على القانون و القيم الاخلاقية بهدف الوصول الى هذه المراكز وبعد ذلك الركون الى الزوايا البعيدة عن الشعب و عن المجتمع و الانشغال بامور خاصة بعيدة كل البعد عن الشأن العام .
يكفي اعضاء السلطة التشريعية ان يتقاضوا مبالغ شهرية تعادل ما يتقاضاه اقرانهم من العاملين في الدولة العراقية من حيث الشهادة و الحالة الزوجية و المستوى المعاشي مع تحمل الدولة لنفقات سفرهم او ضيافتهم بالمعقول فهم بالنهاية ليسوا متاجرين بهذه المناصب بقدر ما هم متطوعين للقيام بهذه المهمة الجسيمة.
ان تقصير السلطة التشريعية في اقرار قوانين و سياسات تنظم الرعاية الاجتماعية و التنمية الاقتصادية و التعيين في الوظائف الحكومية بشكل يضمن العدالة و السلاسة يدفع المواطنين الى التقرب من السلطة التشريعية و كذلك التنفيذية بهدف الحصول على المنافع المختلفة التي توفرها هذه العلاقة و قسم من هذه المنافع مشروعة و اكثرها غير مشروع .
فلو درسنا طريقة عمل السلطة التشريعية في البلدان الديقراطية لوجدنا ان اغلب المواطنين ليس لهم علاقة مباشرة مع اعضاء هذه السلطات بل تقتصر هذه العلاقة مع جماعات الضغط  و المنظمات غير الحكومية و وسائل الاعلام و تنحصر العلاقة مع المواطنين في حالات نادرة عندما يحصل خرق خطير لحقوق المواطن فيقوم بطلب موعد لاجتماع مع النائب الذي يمثل المنطقة في البرلمان و يطالبه بالتدخل من باب الواجب الرقابي المناط بالنائب .
وهكذا لو كانت السلطة التشريعية قد قامت بواجباتها لما اصبحت بيوت الكثير من النواب ( مضايف) تستقبل افواج من المراجعين الذين في اغلبهم لديهم مصالح خاصة.
من اكبر الدلائل و اوضحها على حسن عمل السلطة التشريعية هو عدم الحاجة من قبل المواطنين الى مراجعة اعضاء السلطة التشريعية في كل حين ولابسط الاسباب .


اصدار اعضاء السلطة التشريعية لقرارات و تشريعات تتضمن امتيازات مادية كبيرة لهم تقدح في وطنية و نزاهة السلطة التشريعية و تساعد على تقليل الثقة الشعبية في الطبقة السياسية وهذا ما اصاب المجتمع العراقي اليوم بسبب الرواتب و الامتيازات الكبيرة التي يتمتع بها النواب مقارنة باقرانهم من اعضاء السلطات التشريعية في البلدان الديمقراطية و كذلك غرابة امر اخر غير موجود في اي بلد ديمقراطي غير العراق وهو صرف رواتب 30 فرد لحماية النائب نقدا الى النائب نفسه و هو حر في توظيف اي عدد اي حتى لو لم يعين اي فرد فانه يستفيد من هذه الرواتب وكلنا نعرف ان وزارة الداخلية لديها مئات من افراد الشرطة المدربين ويمكن الاستفادة منهم في حماية هؤلاء النواب.


خلاصة الموضوع يجب اعادة النظر في امتيازات النواب و تقليلها بشكل منصف يناسب مستوى رواتب باقي العراقيين و الغاء الرواتب التقاعدية المبالغ بها و الاكتفاء بمنح النائب مكافاة نهاية الخدمة .

2011/08/23

السلطة التشريعية ....عقل الامة 4


الكيانات السياسية

مصطلح استخدم من قبل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق للتعبير عن فرد او جماعة تتقدم للترشح في الانتخابات , وهي تعبير عن الاحزاب السياسية و لكنها شملت الافراد ايضا .
الحزب السياسي عبارة عن مجموعة من المواطنين يتشاركون في افكار و رؤى او ايدولوجيا معينة و يريدون تطبيقها من خلال الوصول الى المناصب الرسمية , في الانظمة الديمقراطية تلعب الاحزاب السياسية دورا رئيسيا في تداول السلطة من خلال الانتخابات وكما يقول لويس أيالا امين عام الاشتراكية الدولية ( الاحزاب السليمة و القوية البنية تفضي الى نظام ديمقراطي قوي و سليم ) .
في العراق التجربة الحزبية مرت بعدة مراحل :
1- المرحلة الملكية شهدت تأسيس عدد من الاحزاب القانونية التي كانت تتسابق للوصول الى البرلمان في ذلك الوقت ولكن كان هناك عدد من الباشوات هم النخبة السياسية المتحكمين بالحياة السياسية العراقية و الذين كان لهم الاثر الاكبر على اتجاهات المواطن العراقي في ذلك الوقت , كما كان للملك التأثير الكبير في اختيار الشخص الذي يشكل الحكومة , لقد كان لبساطة الناخب في ذلك الوقت الدور الفعال في عدم وجود حياة حزبية ناضجة .
كان هناك احزاب في ذلك الوقت تنشط خارج الاطار القانوني و تريد اسقاط النظام الملكي و اقامة انظمة قريبة من معتقداتها الفكرية مثل الحزب الشيوعي العراقي على سبيل المثال الذي دخل في صراع مع السلطة الامنية للمملكة العراقية , كما كان هناك احزاب لها مليشيات مسلحة تقاتل الحكومة لاقامة دولة خاصة على جزء من العراق مثل الحزب الديمقراطي الكردستاني في الشمال , هذه الاحزاب لم تكن تدور في فلك النظام الملكي وكانت في صراع مع السلطة ولم يكن باستطاعتها ممارسة العمل السياسي بحرية.

بعد سقوط الملكية لم تؤسس حياة سياسية حزبية حقيقة بل كان للصراعات السابقة امتداد و بشكل اكثر عنفا و تمت تصفية الكثير من القيادات الحزبية لمختلف الجهات.
هذه العلاقة بين الاحزاب السياسية و السلطة دفعت الكثير من الاحزاب الى النزول ( تحت الارض) اي الى التنظيمات السرية و تكيفت مع هذه الطريقة في العمل السياسي وهذا خلق لنا طبقة سياسية لم تعرف ولم تتعلم غير العمل السياسي السري و البطش من السلطة و الملاحقة بل وحتى الصراع بين الاحزاب نفسها صراع يصل حد التقاتل المسلح.
هذه الظروف جعلت من الاحزاب السياسية في العراق تتصف بعدد من الصفات :
1- انها احزاب في الغالب سرية عدى حزب السلطة الذي سيطر على اجهزة الدولة و سخرها له .
2- يكون الوصول الى قيادة هذه الاحزاب بطرق غير ديمقراطية في الغالب و غير شفافة ولا تمارس الديمقراطية الداخلية في ادارة هذه الاحزاب .
3- الانتماء لهذه الاحزاب يكون فكريا و عقائديا وبغير ذلك لا يمكن تحمل تبعات الانتماء لها ( عدى حزب السلطة طبعا).
4- مطلوب من المنتمي لحزب المعارضة و لحزب السلطة الطاعة التامة لمن هو في القيادة.
5- تداخل شخصية الحزب المعنوية مع شخصية القيادة الطبيعية و سهولة انجراف القيادة نحو التفرد و الدكتاتورية بسبب عدم وجود اليات محاسبة واضحة و شفافة.
6- غياب الشفافية عن التعاملات المالية و مصادر التمويل و ابواب الانفاق لاموال الحزب .
7- العمل الحزبي في كثير من الاحيان يكون عمل شبه مسلح من خلال المليشيا التي اسسها الحزب .
8- علاقات الحزب الخارجية سرية و معقدة و غير علنية .
9- الاختلاف بين قيادات الحزب غالبا ينتهي بالتصفية او بالاقصاء او بانقسام الحزب بسبب غياب الاسلوب الديمقراطي في العمل الحزبي.
10- الاحزاب القوية هي احزاب مناطقية تنشط في مكون واحد من مكونات الشعب العراقي , فمثلا نرى الحزب الديمقراطي الكوردستاني و الاتحاد الديمقراطي الكردستاني ناشطين في كوردستان العراق فقط و نرى الحزب الاسلامي العراقي ناشط بين المواطنين السنة و حزب الدعوة الاسلامية و المجلس الاعلى للثورة الاسلامية ناشطين بين المواطنين الشيعة , ولم نرى حزب عابر لهذه التقسيمات غير عدد من الاحزاب العلمانية و اليسارية التي لا تتمتع بانتشار شعبي كبير قياسا بالاحزاب المذكورة اعلاه (قبل 2003) و حتى بعد هذا التاريخ تقريبا الصورة لم تتغير كثيرا باستثناء نشاط التيار الصدري .
11- عادة لا يمكن الصعود في المراكز القيادية في الحزب بغير رضا القيادة العليا وليس العكس كما يجري في الاحزاب الديمقراطية التي تنال القيادة العليا فيها رضا القاعدة كشرط لتقدمها في سلم القيادة.
12- هذه الاحزاب لم تهتم كثيرا لمقومات العمل الحزبي حسب المعايير الديمقراطية فلا دستور ( نظام اخلي) ثابت لها يتمتع بالاحترام ولا انتخابات شفافة لاختيار القيادة ولا رؤية لدولة مدنية تشمل كل اطياف الشعب العراقي ولا شفافية في التعاملات المالية الخ.
13- لم يوجد في العراق قانون حقيقي ينظم العمل الحزبي و ان وجد فهو مصمم لتعزيز قبضة حزب السلطة ( لغاية عام 2003) .

نتحدث الان عن الوضع القانوني للاحزاب السياسة , كما قلنا ان دكتاتور البعث المقبور منع كل نشاط حزبي ينافس حزبه طيلة فترة حكمه , و اصدر بعد الانتفاضة الشعبانية المباركة قانون بالرقم 30 لسنة 1991 ينظم تاسيس وعمل الاحزاب السياسية في العراق وكان حبرا على ورق بكل تاكيد , عام 2004 اصدر ممثل الاحتلال الامريكي للعراق بريمر امرا بالرقم 97 ينظم عمل الاحزاب ولكنه لم يكن ناضجا كفاية ولم ينجح في تنمية و تطوير الحياة السياسية في العراق الديمقراطي الجديد , اليوم (شهر أب 2011) هناك مسودة قانون للاحزاب في البرلمان تجري حولها نقاشات عديدة سوف نبحثها في هذا الموضوع ولكن قبل ذلك نود معرفة خصائص الاحزاب الديمقراطية كما توصف بها في البلدان التي سبقتنا بتطبيق الديمقراطية في العالم .

هناك خمسة مهام اساسية للاحزاب السياسية في ظل الانظمة الديمقراطية هي :
1- التنافس في الانتخابات و تحقيق الفوز فيها سعيا للحصول على قدر من السيطرة على المرافق و المؤسسات الحكومية.
2- حشد المصالح الاجتماعية و تمثيلها.
3- طرح بدائل للسياسات .
4- التحقق من نزاهة القادة السياسيين الذين سيكون لهم دور في حكم المجتمع.
5- كسب و تدريب الاعضاء للحزب و على مختلف المستويات القيادية.

هذه المهام الخمسة هي جوهر العمل الحزبي الناضج . كما ان هناك قاعدة عامة لعمل هذه الاحزاب وهي ( الانطلاق من الشأن المحلي الى الشأن الوطني) اي ان كل السياسات هي محلية بالاساس فلا يمكن للحزب كسب ثقة الناخب اذا لم يقدم سياسات بديلة تحاكي هموم الناخب اليومية التي تمس حياته في مدينته او الحي الذي يعيش فيه و الاكتفاء بتقديم سياسات على المستوى الوطني العام , فلا يستطيع حزب ان يهمل الخدمات البلدية الرديئة على مستوى قضاء مثلا و يركز على مشاكل دولية مع دول الجوار مثلا و يكتفي بهذا الطرح للفوز في انتخابات تجري في بلد ديمقراطي يتمتع فيه الناخب بالوعي و الثقافة الانتخابية الديمقراطية .
لا يمكن لحزب ان يعيش و يتحرك في وسط ديمقراطي اذا لم يكن هو نفسه يطبق قواعد الديمقراطية , و اذا لم يكن له نظام داخلي يتمتع بالاحترام بين اعضاء الحزب و خصوصا من قيادته يجب ان يسجل في النظام الداخلي للحزب عدة امور مهمة لديمومته منها :
1- شروط العضوية ,2- تصنيف المناصب القيادية و الشروط الواجب توفرها في شاغليها و طريقة انتخابهم , 3- وصف الوحدات الادارية المختلفة للحزب على المستويات المختلفة المحلية و الوطنية و وصف العلاقات بينها , 4- تشكيل لجان متخصصة لوضع سياسات الحزب و لتمويله و لتنظيم الاتصال مع الاخرين 5- طريقة مراقبة و محاسبة اعضاء الحزب و قياداته و التدقيق في المخالفات التي قد تصدر منهم . ولا يمكن لحزب ان يكون ديمقراطيا اذا لم تكن قيادته قد وصلت الى مركزها من خلال انتخابات حزبية شفافة و نزيهة و دورية شارك فيها اعضاء الحزب بعد منح الجميع حرية التعبير و ابدأ الرأي في المرشحين لقيادة الحزب بدون خوف من الاقصاء و التهميش و باشراف قضائي او محايد خصوصا في الفترة الانتقالية التي تمر بها الاحزاب الى التنظيم الديمقراطي .
التنظيم في الاحزاب الديمقراطية متشابه في الهيكيلية بشكل عام و عادة يوائم التشكيلات الادارية في الدولة و يتبع الدوائر الانتخابية لمختلف المناصب العامة وذلك لان الحزب كما قلنا سابقا يستهدف الفوز في الانتخابات و بالتالي عليه ان ينظم صفوفه حسب الدائرة الانتخابية فمثلا لديه تنظيم حزبي يتمتع بادارة معينة على مستوى الناحية مثلا و هناك تنظيم اكبر يضم عدة نواحي على مستوى القضاء و تنظيم اكبر يضم عدة اقضية على مستوى المحافظة و هكذا وصولا الى المستوى الوطني و كل وحدة تنظيمية لها هيئتها العامة و مجلسها التنفيذي المنتخب من الهيئة العامة و قبل تنظيم الانتخابات العامة تجتمع هذه التنظيمات المختلفة لاختيار مرشحيها للانتخابات ولا يشترط ان يكون الاشخاص الذين يقودون هذه التنظيمات هم المرشحين بشكل تلقائي بل تجري منافسة جديدة قد يشترك فيها حتى مرشحين من خارج التنظيم الحزبي .

من اهم واجبات الحزب الديمقراطي هي وضع سياسة تحاكي رسالة الحزب و تميزه تجاه الاحزاب الاخرى و عرض هذه السياسة على المواطنين لاجل كسبهم لصفوفه او على الاقل كسب اصواتهم في الانتخابات , يجب ان يكون لكل حزب مكتب متخصص بالدراسات و البحوث ويكون له ما يشبه حكومة الظل وعلى مختلف المستويات الادارية لكي تتابع عمل الحكومة و تضع السياسات البديلة و تستشعر نبض الشارع و تقرر صياغة الخطاب الاعلامي و التفاهم مع الاعضاء على سياقات التحرك و الخطاب الاعلامي , كل هذه الامور تجعل من الحزب خلية عمل دائمة على مدار العام وليس نشاط لفترة محدودة هي فترة الانتخابات فقط والدخول في سبات عميق حتى الانتخابات القادمة او الاكتفاء بتبرير الاخطاء التي قد يقع فيها الحزب خلال فترة مشاركته في الحكم , ان وضع الحزب لالية واضحة و معروفة لجميع اعضائه لمحاسبة مرشحية الذين استلموا مناصب حكومية و بشكل دائم من اهم علامات التزام الحزب بالمصلحة العليا للبلد و شهادة على التزام الحزب بالنزاهة و عدم تقديم المصلحة الخاصة للحزب و قيادته على مصالح الشعب , الكثير من الاحزاب تنشط في الدفاع عن الفاسدين الذين يمثلونها في الحكومة او البرلمان خشية السقوط في الشارع ولكن هم لا يدركون ان سقوطهم حتمي بهذا التصرف و ان استمرت تغطيتهم بعض الوقت ولكن لو انهم اتجهوا الى التخلص من الحالات الشاذة لكان هذا افضل كثيرا لهم .
الاحزاب السياسية كائنات تعاني من الهرم اذا لم يتم كسب شباب جدد لها و كذلك تعاني هذه الكائنات من فقدان الخبرات لاسباب طبيعية فهي بحاجة الى تدريب الكسب الجديد من الشباب و تزويدهم بالخبرات المختلفة لذلك لا يمكن لحزب ان يتناسى عمليتي الكسب للتجدد و التدريب لهذا الكسب , التمويل شرط مهم من شروط ديمومة العمل الحزبي و بدونه لن يكون هناك نشاط للحزب , الاحزاب الديمقراطية تعلن كل عملياتها المالية من تبرعات او غيرها و تعلن موازناتها بشكل شفاف حتى تضمن عدم حصول اي فساد مالي او حصول تمويل غير مشروع من اي جهة داخلية او خارجية قد تؤثر على قرارات الحزب او على شعبيته في الشارع.
الاحزاب الديمقراطية عادة تختار برامج سياسية بعيدة عن التعنصر او التخندق الطائفي و ترى تنوعا في العضوية وهذا ما يكسبها البعد الجغرافي الوطني و الانتشار الذي يقويها على امتداد الخارطة لكل الوطن و يغنيها عن التازلات للاحزاب الاخرى كما يجري في العراق مثلا من تحالفات سياسة هشة سرعان ما تنقلب الاطراف السياسة المتحالفة بعضها على بعض , فلو كان احد هذه الاحزاب له امتداد في عضويته في كل المناطق الجغرافية و هذا طبعا ياتي من ايمان افراد من كل المكونات برسالته و بسياساته و حقق هذا الحزب الاغلبية منفردا لكان باستطاعته تشكيل الحكومة لوحده بدون الحاجة للتنازل لحزاب اخرى منافسه.

الان ما الاشكالات التي اثيرت على مسودة قانون الاحزاب الذي يناقش في البرلمان العراقي هذه الفترة :
1- ورد في المادة 2 من القانون ان وزارة العدل هي الجهة المسؤولة عن اقرار الاحزاب وهذا لا يمكن لان هذه الوزارة هي تابعة للسلطة التنفيذية و يجب ان تكون جهة التسجيل و الاقرار جهة مستقلة حتى لا نقع في تضارب المصالح .
2- الجدل كثير حول المادة 5 من مسودة القانون و التي منعت تأسيس الاحزاب على اسس طائفية او عنصرية الخ ولكنها لم تمنع تأسيس الاحزاب على اسس دينية وهنا مشكلة من حيث ان الدستور يساوي بين العراقيين والحزب الديني لا يحقق هذه المساواة وهذه المادة عيب خطير في القانون يجب تعديله.
3- هناك اعتراضات على قضية التمويل و قضية اعلان اسماء اعضاء الحزب و كلها اعتراضات يمكن معالجتها او انها اعتراضات بسبب الوضع الاستثنائي الذي يعيشه العراق اليوم ولكن اذا تحسن الوضع فان الكثير من هذه الاعتراضات سوف ترفع.

ان صدور قانون للاحزاب في العراق يمثل خطوة ايجابية فعلا و يمكن ان تدفع باتجاه تطوير الحياة السياسية في العراق الديمقراطي و مهما كان يشوب هذا القانون من ( عيوب) فانه يمكن تعديله و تحسينه.
نحتاج في العراق الى جيل من السياسين الشباب , جيل ممن لم يتعرض الى الامراض النفسية التي اصيب بها من سبقهم بسبب الاضطهاد و القهر و الجور و الانتقام , جيل يعمل سوية بدون تمييز طائفي او عرقي او مناطقي , جيل يتربى على اصول العمل السياسي الديمقراطي كما معمول به في الدول الديمقراطية وليس كما معمول به اليوم في العراق .



2011/08/21

السلطة التشريعية ....عقل الامة 3

الناخبين

الشعب مصدر السلطات , و السلطات الثلاث عبارة عن افراد من الشعب وكلهم باقي الافراد بممارسة السلطة نيابة عنهم , وهذا التوكيل لا يلغي حق الشعب باستعادة الوكالة متى ما اراد ذلك , و المناسبة الدورية الثابتة زمنيا لاستعادة الشعب للوكالة من الوكيل او تجديدها هي الانتخابات التشريعية.
يمارس المواطن ان كان ذكرا او انثى حقه و واجبه في التصويت اذا توفرت فيه شروط معينة اقرها القانون , في العراق لم نعرف التصويت الحر بدون ضغوط من الحاكم و بدون تدخل سافر منه الا بعد 2003 , ولكن هل هذا كافي ؟ هل نجح الشعب العراقي في اداء دوره كناخب بشكل موضوعي في الانتخابات القليلة التي اجريت خلال السنوات الثمانية الماضية ؟
الاجابة قطعا : كلا , يطرح رأي للتداول بين عدد من المثقفين ممن يطالبون بما يمكن تسميته ( الديقراطية على مراحل ) و الذي يعني ان لا يسمح لكل المواطنين بالمشاركة في التصويت في الانتخابات بل يسمح فقط للمواطن الذي لديه مستوى علمي معين كأن يكون حاصل على الاعدادية او الدراسة المتوسطة او الابتدائية او حتى يقرأ و يكتب فقط , هذه الطريقة كانت سابقا معتمدة في عدد من الدول ولكن تم تجاوزها اليوم , المشكلة التي دفعت من اقترح هذه الصيغة لاقتراحها هو تحكم الكيانات السياسية بفئة كبيرة من الشعب العراقي وهذه الفئة هي الموصوفة (بالجهل) و هذا الاقتراح جيد ويمكن ان يدفع المواطن المحروم الى تحريك نفسه لكي يكتسب المعارف التي تنقصه حتى يسمح له بالمشاركة في الاقتراع ولكن المشكلة التي سوف تواجهنا هي الاهمال الاكيد لفئة كبيرة جدا من الشعب العراقي التي سوف تحرم من التصويت وهذا من طبيعة الامور فالكيانات السياسية لن تهتم لمن لا صوت له و سوف تركز على الباقي مع عدم الاهتمام بتطوير المحروم من التصويت وهنا سوف نواجه مشكلة اكبر من الاولى, و استطيع ان اضرب مثلا النساء في بريطانيا ذلك البلد العريق في الديمقراطية و الذي يمارس شعبه الانتخابات البرلمانية منذ عام 1801 لم يكن يسمح للنساء بالتصويت حتى عام 1918 وبعد نضال من قبل عدد من النساء سمح لمن تجاوزت عمر 30 عام بينما كان الرجال يصوتون في سن 21 و بعد عدة سنين سمح لمن تبلغ 21 عام بالتصويت هذا يعطينا فكرة ان الاحزاب السياسية تجنح نحو عدم الاهتمام بمن لا صوت له في الانتخابات و لا ترغب بتوسيع الكتلة الانتخابية ان صح التعبير فهذا يزيد عدد الرغبات و المطالبات . الثقافة الانتخابية هذا العنوان المغيب عن الساحة الشعبية بفعل فاعل لم يتعلمها العراقيون في اي فترة من الفترات التي مرت على العراق كدولة حديثة منذ تأسيس المملكة العراقية في عشرينيات القرن الماضي الى يومنا هذا. من اين يتعلمها العراقي ولم تكن هناك ديمقراطية حقيقة في العراق سابقا , لذا يجب علينا اذا كنا فعلا نريد ان نبني الديمقراطية في العراق و نرسخها لاجيال قادمة ولا نستغلها فقط للوصول الى الحكم ثم ننقلب عليها و نلعب دور الدكتاتور الطاغية او
( المستبد العادل) او ( المستبد المتنور) الخ ... علينا ان نضع خطة لتربية الشعب العراقي و بمختلف فئاته العمرية على الطريقة الصحيحة لممارسة فن الانتخاب .
هذه مسؤولية الجميع ابتدأ ولكن تتركز المسؤولية في الجهات التالية :
1- المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق .
2- المنظمات غير الحكومية في العراق.
3- كل المثقفين الداعين الى الديمقراطية و حقوق الانسان في العراق .
4- وزارة التربية .
5- وزارة الثقافة.
7 - وسائل لاعلام المختلفة في العراق .
هذه الجهات تتحمل العبء الاكبر في محو امية الشعب العراقي في ميدان الممارسة الصحيحة للانتخابات.
من يقف ضد محو امية الشعب العراقي في الممارسة الصحيحة للانتخابات ؟ الكيانات السياسة المستفيدة من هذه الامية وهي كل كيان يعتمد على الطائفية و المذهبية او العرقية و العنصرية في الحصول على التأييد في الشارع العراقي , هذه الكيانات التي لا تؤمن حقيقة ببناء عراق ديمقراطي مدني يتساوى فيه الجميع بغض النظر عن جنسهم او مذهبهم او عقيدتهم او قوميتهم , هذه الكيانات التي اسست و عملت طيلة سنوات على الوان او مكونات محددة في المجتمع العراقي و انا قد اعذرها على ذلك لكونها رد فعل لما كان يحصل من تفرد و استئثار بالحكم من قبل فئة قليلة جدا و كانت هذه الكيانات تمارس ( النضال) ضد هذا الظلم ولكن بعد التغيير الذي حصل في 2003 و التحول الديمقراطي لم يعد لعقيدة هذه الكيانات اي ضرورة و يجب عليها اعادة النظر في فكرها و طرق عملها و عليها الانفتاح على كل العراقيين اذا ارادت الاستمرار و البقاء على الساحة العراقية.

على الجهات المذكورة اعلاه ان تضع الخطط الكفيلة بنجاح محو الامية الانتخابية و ذلك عن طريق 3 قنوات وهي :

1- قناة محو الامية الانتخابية لكبار السن عن طريق برامج تثقيفية مركزة عن الحقوق و الواجبات و عن افضل الطرق الاختيار المرشحين و ذلك حسب معايير المصلحة العليا للبلد وللمجتمع و المواطن وليس حسب العشائرية او المصلحة الذاتية او الولاء الطائفي او المذهبي .
2- قناة التربية الانتخابية للصغار في المدارس وتتناول نفس المواضيع اعلاه , يضاف لها نشاطات فنية مثل مسرحيات يمثلها الصغار انفسهم عن فعالية الانتخابات و النقاشات السياسة و المعارف الدستورية و القانونية.
3- قناة التثقيف السريع قبل اجراء الانتخابات بفترة مناسبة تركز على طريقة الانتخاب و القانون الخاص بذلك و باقي المفاهيم اعلاه.
على الدولة العراقية ككل و الحكومة تحديدا تخصيص التمويل الكافي لتغطية هذه النشاطات و بشكل مستمر حالها حال البرامج التربوية المدرسية الاخرى لان الاجيال تتجدد و الصغار يكبرون و الكل بحاجة الى التعلم و التذكير , مع التركيز على المناطق الاقل حظا في التعليم و الثقافة و التي تتعرض الى الاستغلال من قبل الكيانات السياسية و توجيها الى الانتخاب بطرق غير قانونية .


لو سأل سائل كيف ترى الثقافة الانتخابية الصحيحة التي تنادي بها ؟ اقول ان الانتخابات تعطي نتيجة جيدة اذا فهم مجموع الناخبين عدة امور ومنها :


1- يجب ان يعرف الناخب ماذا يريد من السلطة التشريعية و ماذا يريد من السلطة التنفيذية ( على المستوى الاتحادي و المحلي) وهذا يستدعي فهم مسبق لصلاحيات كل سلطة وعلى المستوين , على ان يكون المطلوب قضية عامة وليست فردية نعم القضايا الفردية التي تهم عدد كبير من الناس هي قضايا عامة مثل البطالة و الرعاية الصحية و الخدمات البلدية و ما الى ذلك , وكلما فهم المواطن ماذا يريد بالضبط من المرشح للانتخابات سهل عليه و على المرشح التفاهم على مطالبه ولا يترك الامر بغير تفاهم و على هوى المرشح و بصيغ عامة لا تلزم احد فيما بعد ولو الزام اخلاقي.
2- تلعب المنظمات غير الحكومية دورا مهما في التوعية بالقضايا العامة بالنسبة للمواطن صاحب القضية ( المستفيد) و كذلك بالنسبة للمرشح او للكيان السياسي وهذا من صميم عمل المنظمات غير الحكومية فهي عادة تضم عدد من المتخصصين و الناشطين في ميدان عملها , وعلى هذه المنظمات ان تنشط في التوعية لكلا الطرفين بحيث تحث الناخب للاتصال بالمرشح و التأثير عليه لكي يتبنى المقترحات التي تضعها لحل مشكلة عامة او قضية تهم عدد كبير من المواطنين .
3- تلعب جماعات الضغط الدائمة او المؤقتة دورا هاما في التاثير على الرأي العام و على المرشحين و على الكيانات السياسية وهذه الجماعات تختلف عن المنظمات غير الحكومية في كونها تركز على قضية واحدة في العادة و تكون مدعومة من جهة او جهات مستفيدة مثل جماعة الضغط التابعة للصناعين و تدافع عن مصالحهم او تلك التابعة للمتقاعدين وغيرها وهذه الجماعات لها مريدين كثر يصوتون الى المرشح الذي يتعهد بدعم مطالبهم و يلبي رغباتهم .


هذين المجموعتين لم نرى لهما ظهور في العراق حتى اليوم ولو بشكل علني و منظم و نتمنى ان تظهر هذه الجهات لمصلحة الشعب في المستقبل القريب . ولكن يمكن لنا تأشير رجال الدين في العراق على انهم جماعة ضغط لهم مريدون كثر و يمكنهم التأثير على قرار الناخب بطريقة معينة و بالتالي التاثير على السلطة التشريعية و ان كان تاثير ( جماعات الضغط الدينية ) مختلف حسب المناطق و خصائص المجتمع في كل منطقة ولكن تاثيرها معروف و واضح .


لو درسنا طريقة تصرف الناخب العراقي في الانتخابات البرلمانية الماضية لرأينا التالي :
1- الناخب العراقي يتميز بكونه عاطفي ولا يميل الى التحليل و الدراسة قبل التصويت بل يكتفي بميوله النفسية و العاطفية.
2- سهولة اقناع الناخب لانه لا يطلب الكثير من الوعود او الدقة فيها.
3- لا يعير اهمية الى البرامج الانتخابية و لا يدقق فيها.
4- ينظر الى الاسماء الكبيرة و الرموز السياسية ولا يهتم بالمرشحين انفسهم بشكل كبير.
5- الازمات الكبيرة التي عصفت بالمجتمع العراقي دفعت المواطن الى الاهتمام بالامن و الصرعات الطائفية اكثر من اي شيء اخر و بالتالي استطاع الكثير من رموز الفساد و الفشل في الفوز في الانتخابات لعدم تدقيق الناخب في البرامج الانتخابية ولا في تاريخ هؤلاء المرشحين وما قدموا في الفترة الماضية.
6- يسعى للحصول على وعد من المرشح بخدمة خاصة له او لقريب مثل التوظيف او تمشية معاملة ما.
7- تعود المواطن العراقي على طاعة من في السلطة و تقبل اخطائه و تربى على ذلك و صعوبة تقبل شخص جديد في السلطة و اعتقاده ان من في السلطة يجب ان يتميز بمواصفات خاصة لو سألت اي شخص عنها لاجاب بشكل مشوش و غير علمي .


الفترة السابقة استثنائية بسبب الصراع الطائفي و العرقي و دخول الارهاب الدولي الى العراق و اشعال الفتنة الطائفية و هذا كله اثر على اختيارات الناخب العراقي و ساعد على ذلك التحشيد الاعلامي و الدفع من قبل الاطراف السياسية المتصارعة في هذا الاتجاه ولكن اذا استقرت الامور و انتهت الازمة الطائفية و العرقية و تم تصفية الارهاب فاعتقد جازما ان الكثير من الاخطاء التي ارتكبها الناخب العراقي سوف تختفي وسوف تحل محلها الثقافة الانتخابية الصحيحة.


2011/08/20

السلطة التشريعية ....عقل الامة 2


الدوائر الانتخابية

هناك عدة انواع من الدوائر الانتخابية متبعة في الانتخابات في العديد من البلدان ابسطها ان يكون البلد باكمله دائرة انتخابية واحدة وقد تم تجربة هذا الاسلوب في انتخابات الجمعية الوطنية في العراق التي كلفت بوضع الدستور العراقي عام 2005 , وهذا الاسلوب مرغوب من بعض الكيانات السياسية التي تشعر انها ضعيفة و ان انصارها متفرقين قلة وان الدائرة الانتخابية الواحدة سوف يساعدهم على جمع شتات الانصار و توجيهم الى قائمة واحدة عادة تكون مغلقة , ولكن هذا الاسلوب في الانتخابات لا يعطي توزيع منصف للمقاعد النيابية حسب الوحدات الادارية او التوزيع الجغرافي و سوف يظلم بكل تأكيد المناطق السكانية الاقل عددا ولن يحقق التمثيل النسبي اي القاعدة التي تقول ان لكل عدد معين من السكان ممثل واحد في البرلمان , ثم انتقل العراق الى طريقة الدوائر الانتخابية المتعددة حسب المحافظات فاصبح العراق 18 دائرة انتخابية واجرى انتخابات المجلس النيابي عام 2005 على اساس القائمة المغلقة و ايضا يعتبر هذا تطور عن طريقة الدوائر المتعددة ولكنه ليس كافي لانه لم يعبر عن ارادة الشعب في وصول مرشحين حصلوا بشكل شخصي على الاصوات التي يؤهلهم للفوز بل استخدمت طريقة ( القاطرة) السياسية ونعني بها ان يكون رأس القائمة شخصية معروفة كان تكون رئيس الحزب او غيره و باقي الشخصيات غير معروفة و بالتالي تحصل الشخصية الاولى في القائمة على اصوات تكفي لصعود العديد من المرشحين المغمورين , وبعد جدل واسع تطورت طريقة الانتخابات في العراق عام 2010 وتم اعتماد الدوائر المتعددة ايضا على اساس المحافظات مع القائمة المفتوحة اي امكانية اختيار المرشحين حسب رغبة الناخب و ليس بالترتيب الذي اختاره الكيان السياسي , وهنا ايضا نجحت طريقة ( القاطرة) وحصل العديد من الشخصيات السياسية المعروفة على اصوات بمئات الالاف التي اهلت العديد من المرشحين المغمورين للوصول الى البرلمان وهم لم يحصلوا على اصوات معتبرة , كما ان (المقاعد التعويضية) اوصلت العديد من المرشحين الخاسرين , اذا ما هو التطور التالي الذي يمكن ان تجري عليه الانتخابات النيابية في الدورة الثالثة و نحسن من خلاله طريقة تعبير الناس عن ارادتهم بافضل و انصف الصور , اعتقد ان التطور التالي هو توزيع العراق الى دوائر انتخابية بعدد المقاعد الانتخابية لمجلس النواب وهذه هي افضل و احسن الطرق و اكثرها انصافا لوصول اشخاص منتخبين فعلا و بشكل فعلي و مباشر من قبل الناخبين , مع تقليل عدد المقاعد النيابية و الغاء المقاعد التعويضية و الغاء الكوتا النسائية فهذه كلها امور لا تعبر عن الديمقراطية وقد اصبحت قديمة ولم تؤدي الغرض منها , وعليه يكون لكل مقعد في البرلمان دائرة محددة يتنافس عليها المرشحون بشكل فردي ان كانوا مرشحين عن كيانات سياسية او مستقلين , هذه الطريقة تستلزم مراقبة حقيقة و فعالة من المفوضية العليا المستقلة للانتخابات لكل نشاطات المرشحين لان التسقيط سيكون سهلا و مباشرا بين المرشحين وقد يكون الاعتداء الجسدي وارد جدا اثناء الانتخابات و بعدها , لذا في حالة فوز مرشح ثم تعرضه لحادث لا يستطيع بعده ممارسة دوره كعضو في البرلمان هذا يسلتزم اعادة الانتخابات بالدائرة المعنية وليس صعود التالي بالاصوات لان رغبة الناخبين قد تتغير في هذه الحالة , نعود للكوتا النسائية و نقول ان الحال هو ان اكثر النساء التي صعدت بهذه الطريقة لم يقدمن شيئا بل ان صعودهن جاء بدون وجه حق و بدون حصولهن على اصوات الناخبين وهذا يسقط اهم شروط الفوز  كما اننا نرى ان هناك نساء فوزن باستحقاق لكون الناخبين يعرفون نشاطهن او يشعرون بالولاء لهن او لكياناتهن السياسية , عليه لا ارى جدوى من ابقاء الكوتا النسائية.
الان اود الحديث عن طريقة التصويت المتبعة في الانتخابات التي جرت في العراق منذ 2003 الى 2010 وهي التصويت بتاشير الورق وبعد ذلك الفرز اليدوي و ادخال المعلومات عن طريق الموظفين الى الحاسوب في بغداد ويعمل في هذا المركز حوالي 800 شخص وهنا تثار الشكوك و المشاكل بينما يمكن للمفوضية اعتماد التصويت الثنائي اي الورقي و الالكتروني الذي يتيح ظهور النتائج خلال ثواني من غلق صناديق الاقتراع و كذلك يترك دليلا حسيا يمكن الرجوع اليه في حالة اعادة الفرز للتأكد من نتيجة التصويت , و اليوم هناك بلدان ديمقراطية تعتمد التصويت الالكتروني منفردا في تحديد نتيجة الاقتراع مثل الهند (400 مليون مقترع) و المالنيا و غيرها و هنا اقول اننا في العراق نعيش دائما في جو الشك و المؤامرة و الريبة فلا بأس من اعتماد نظام ثنائي ورقي الكتروني حتى يضمن لنا السرعة و الدقة ويبعد شبح التزوير عن الانتخابات و الى الابد وهو تقنيا ممكن جدا وغير مكلف ويحتاج الى ارادة سياسية فقط , ولكن اشك في توفر الارداة السياسة اذا كان نظام التصويت في مجلس النواب لغاية اليوم هو النظام اليدوي علما ان منظومة التصويت الالكتروني تم انجازها لكن قادة الكتل لا يملكون الثقة الكافية بنوابهم في البرلمان لكي يدعوهم يصوتون بشكل الكتروني خشية عدم الانصياع الى تعليماتهم.

2011/08/19

السطلة التشريعية .....عقل الامة 1

السلطة التشريعية الاتحادية و المحلية ممثلة في البرلمان الاتحادي و مجالس المحافظات , تمثل عقل الامة لما لها من اهمية في توجيه مسيرة السلطة التنفيذية من خلال القوانين و القرارات التي تتخذها, و تمثل السلطة التشريعية ركن مهم من اركان النظام الديمقراطي , منذ عام 2005 عملت السلطة التشريعية الاتحادية بشكل رسمي بوظيفتين هما التشريع و الرقابة و نحن اليوم نعيش في الدورة الثانية من عمر المجلس النيابي العراقي ما بعد 2003 , التقييم العام لهذه الفترة منذ 2005 الى اليوم حسب اعتقادي غير جيد و يحتاج الى دراسة مواطن الضعف التي برزت خلال الفترة الماضية و اقتراح الحلول التي يمكن ان تساعد في تطوير عمل السلطة التشريعية .


سيتناول بحثنا هنا عدة محاور , محور المرشحين الى انتخابات السلطة التشريعية ومحور الدوائر الانتخابية ومحور الناخبين و محور الاحزاب السياسية و محور الامتيازات التي يحصل عليها اعضاء السلطة التشريعية و صلاحياتهم و مسؤولياتهم و محور العلاقة مع المواطنين و العلاقة مع السلطة التنفيذية .


محور المرشحين
من خلال دراسة الفترة الماضية من عمل السلطة التشريعية في العرق يتبين لنا و بشكل واضح ان المرشحين للانتخابات التشريعية يعانون من مشكلة عدم الاهلية للعمل في منصب عضو في السلطة التشريعية و انا عندما اقول هذا الكلام لا اقصد الانتقاص منهم لا سامح الله ولكن هذا من باب الموضوعية و تقرير الواقع و قد اعذر الكثيرين منهم لان ترشيحهم تم بصورة مفاجئة و بغير تحضير مسبق ولكون الجهات التي اختارتهم لم ترى في المؤهلات الضرورية لعمل نائب اهمية بقدر توفر شروط اخرى مثل الشعبية او الطاعة الكاملة والولاء لرؤساء الكيان السياسي او العلاقة التاريخية مع الكيان السياسي.

حتى نطور هذا المفصل المهم من العملية الديمقراطية و هو مفصل المرشحين لا بد من تشديد الشروط الواجب توفرها في المرشح وهذه الشروط لا بد من ان تفرض بشكل قانوني من قبل الدولة لان الكيانات السياسية لو ترك الامر لها لما اختارت التشديد , كذلك يجب توفير سبل توفير هذه الشروط في شخص المرشح و تيسيرها قبل فترة زمنية معقولة تتيح لمن يطمح للترشح ان يؤهل نفسه ليكون ملبيا لهذه الشروط و بالتالي عدم ظلم اي مواطن عراقي لديه القدرة و الارادة لخدمة شعبه و بلده من خلال الترشح و الفوز بمقعد نيابي .
 اضافة الى الشروط التي تشترطها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في المرشحين للانتخابات النيابية  ارى ان تعدل و اضافة التالي :
1- العمر : يكون بين 35 و 40 عام فما فوق و الافضل 40 عام لان المنصب النيابي يحتاج الى حكمة و خبرة في الحياة تتراكم مع السنوات و للشباب قوة في الرغبات و تسرع في القرارت قد تكون غير مرغوبة في هذه المناصب .
2- الشهادة : و ارى ان تشترط شهادة البكالوريوس كحد ادنى او ما يعادلها من الجامعات المعترف بها قانونا مع استعراض كامل التاريخ الدراسي و التحقق منه بدقة , لان اشتراط  شهادة الاعدادية كما يجري حاليا فيه تقليل من شأن المنصب النيابي , وعلى من لم يستطع لا سبب من الاسباب الحصول على الشهادة الجامعية السعي للحصول عليها .
3- العمل المدني : المقصود بالعمل المدني هو العمل التطوعي في الشأن العام , و يكون من خلال المنظمات التطوعية غير الحكومية وهذا الشرط ضروري لكي يثبت المرشح انه مهتم بالشأن العام منذ فترة مناسبة قد تشترط بمدة لا تقل عن 4 سنوات قبل الترشح على ان توثق من خلال صور و مستندات رسمية , هذا العمل التطوعي يجعل من المواطن قريبا من هموم الشارع و المشاكل و المعاناة التي تعصف بالشعب و كون المرشح ناشط مدني سوف يعطية خبرة و دراية في الشان العام سوف تساعده في عمله كعضو في مجلس النواب و حقيقة العمل المدني التطوعي انه يكسب صاحبة دراية و خبرة كبيران بمشاكل المجتمع العامة و مواطن الضعف في التشريعات و ترتيب اولويات التشريعات و غيرها الكثير, و اي مرشح لم يمر سابقا بالعمل التطوعي المدني العام سوف يواجه فراغا في هذا الميدان لا يملئه اي نشاط سياسي او اقتصادي اخر , وعلى المواطنين الذين يخططون لكي يرشحوا انفسهم التقدم للعمل التطوعي المدني قبل فترة مناسبة لكي يكونوا مؤهلين من هذا الجانب.
4- التأهيل القانوني الاداري : على كل مواطن يرغب بالترشح الى الانتخابات النيابية ان يجتاز قبل قبول ترشحه دورة تاهيلية في طريقة عمل الدولة العراقية الرسمية و العلاقات بين السلطات الثلاث التشريعية و التنفيذية و القضائية و الاحكام الدستورية و القوانين العامة و الادارة المالية و ابرز المشاكل و التحديات التي تواجه الدولة العراقية و دراسة تجارب النواب السابقين و ارائهم عن عمل السلطة النيابية في الدورات السابقة , هذه الدورة مهمة جدا فهي تزود المرشح بخبرات ضرورية لا يكتسبها الا بعد فترة زمنية طويلة من العمل النيابي يمكن لنا ان نختصرها من خلال هذه الدورة , ويمكن ان تجري هذه الدورة في الجامعات العراقية باشراف مباشر من المفوضية العليا المستقلة للانتخابات  او من خلال المفوضية نفسها و في مواعيد محددة .
5- ارى ان يضاف شرط وهو ان لا يكون المرشح للانتخابات عضوا في المجلس المرشح له لدورتين سابقتين , فاني قد لاحظت ان العضو يفقد حماسه و طاقته للعمل في هكذا مناصب عامة تحتاج الى طاقة استثنائية لارضاء الناس و لمقاومة المغريات العديدة التي يتعرض لها صاحب المنصب , و بعد مرور فترة بسيطة نلاحظ ان عدد من المتزلفين و المنافقين و المنتفعين يلتفون حول صاحب المنصب و يبدؤن في التأثير عليه بشتى السبل لتسخيره لمصلحتهم و لعزله عن ناخبيه و الاهداف النبيلة التي يحملها ( ان كان يحملها فعلا) و هذا الشرط لا بد منه لكل المناصب العامة .
اعود و اكرر ان كثرة المشروط في المرشح ينطلق من حكمة وهي محاولة تحسين نوعية الفائزين في الانتخابات و تقليل التنافس من الاشخاص الذين لا يملكون مؤهلات جيدة لهذا المنصب و لكنهم يستعينون باساليب غير ديمقراطية و غير مفيدة للوصول الى عضوية المجلس النيابي مدفوعين برغبات النفس الامارة بالسوء فلا ينفعون البلد و لا الشعب بل يضرون حتى انفسهم في توريطها في معاصي و ذنوب قد يبقون بعيدين عنها اذا لم يفوزوا بهذه العضوية , كذلك لا ننسى ان المرحلة الانتقالية التي نمر بها في العراق و عدم وضح الرؤيا لدى الكثير الكثير من الناس ولدى الكيانات السياسية التي تعودت على العمل  من موقع المعارضة و عدم احترام القانون الذي تعودوا على انه جائر بطبعه لا يستطيعون ان يتحولوا في ليلة و ضحاها الى اشخاص ملتزمين بالقانون و راضخين الى الطريقة الديمقراطية في التنافس الشريف القانوني , كل هذا دفعني للتفكير الى ايجاد عدد من ( الفلاتر) امام الراغب بالترشح الى عضوية السلطة التشريعية.



2011/08/18

السلطة القضائية ...ضمير الامة

فصل السلطات مبدا مهم من مبادئ الانظمة الديمقراطية , السلطة القضائية تمثل نقطة الارتكاز للسلطتين الاخريين , بمعنى ان السلطة التشريعية و السلطة التنفيذية يمكن ان يغلب عليهما لون سياسي معين و ممكن ان يسيطر عليهما حزب سياسي لوحده من خلال الانتخابات طبعا و يسيرهما حسب ما يريد ولكن السلطة القضائية لا يمكن لاي حزب ان يسيطر عليها على افتراض ان الافراد الذين يشكلون هذه السلطة لم يصلوا لمناصبهم فيها بواسطة الانتخابات ولم يرشحهم حزب معين ولا ينتمون او يميلون لحزب معين , بمقتضى هذا الوصف للسلطة القضائية ستكون هي الحامي و المراقب على حسن عمل باقي السلطات و التزامها بالدستور و القوانين النافذة من خلال الفصل في اي نزاع قانوني يمكن ان يثار من اي مواطن ضد السلطتين التشريعية و التنفيذية بدعوى تجاوز الدستور و القانون و نحن نرى الكثير من هذه النزاعات في العديد من الدول فمثلا في الولايات المتحدة الامريكية هناك المحكمة الاتحادية العليا التي تتكون من 9 قضاة يعينهم الرئيس الامريكي و يصادق عليهم الكونجرس و هم يبقون في مناصبهم مدى الحياة ولا يستطيع اي شخص تنحيتهم وهؤلاء القضاة التسعة هم الحكومة الحقيقية في امريكا في حالة نشوب اي نزاع بين السلطتين التشريعية و التنفيذية او بين اي مواطن و السلطتين المذكورتين .
نريد ان يكون في العراق سلطة قضائية تكون بالفعل ضمير الامة و تمارس دورها في الرقابة على التشريع و التنفيذ بكل حيادية و بعيدة عن المجاملة و المحاباة و السبيل الى ذلك لا يكون الا من خلال تشريع قانون يراعي النقاط التالية :


1- الاهتمام بكليات القانون و تطوير مناهجها و الاهتمام بمقررات مثل حقوق الانسان و الديمقراطية و الدستور , و الحرص على فتح كليات القانون في كل المحافظات للدراسة الصباحية و المسائية و التوسع في القبول للدراسات العليا في القانون لايجاد نخبة اكاديمية قانونية عراقية تقود التقدم العلمي في هذا المجال.
2- الاهتمام بالمحامين و دعمهم بكل السبل و فرض دورات التقوية العلمية عليهم من خلال نقابة المحامين .
3- مراقبة سلوك المحامي و أرشفة عمله في نقابة المحامين و عدم التسامح مع اي تجاوز قد يصدر من اي محامي حفاظا على سمعة المهنة.
4- حسب ما فهمت فان هناك طريقين لخريج كلية القانون ليكون قاضيا الاول عن طريق التقديم لمعهد القضاء العالي و الثاني عن طريق التعيين المباشر وهو محصور بالمحامي الذي لديه خبرة فعلية في عمل المحاماة لا تقل عن 10 سنوات, المطلوب التشدد في شروط القبول في المعهد القضائي او ترشيح المحامين الذين امضوا 10 سنوات في العمل ويرغبون في ترشيحهم لوظيفة قاضي و عدم السماح لتدخل اي حزب في القبول بل عدم السماح لاي مرشح حزبي بالعمل كقاضي , ان  اي تساهل امام مرشحي الاحزاب في دخول سلك القضاء يعني انه اختراق سياسي لسلطة يجب ان تكون حيادية بالكامل , ويمكن الحفاظ على حيادية المرشحين من خلال طلب مفصل تاريخ المرشح من نقابة المحامين او من دائرته او من الجهات الامنية المختلفة و معرفة هل انتمى لحزب سياسي معين او ترشح لانتخابات عن طريق حزب سياسي معين , حتى يكون في علم اي محامي يخطط ليكون قاضيا في المستقبل ان العمل السياسي لا يؤهله ليكون قاضيا لذا عليه الابتعاد كلية عن العمل السياسي و تاهيل نفسه منذ البداية ليكون قاضيا محايدا و غير مسيس .
5- عدم التدخل من اي جهة كانت في عمل السلطة القضائية و تعينات القضاة بل ترك الامر للقضاة انفسهم لكي يختاروا فيما بينهم القيادات و الرئاسات للمحاكم المختلفة حسب معايير علمية و مهنية و موضوعية , وحتى تعيين رئيس السلطة القضائية يفترض على مجلس النواب تحديد فترة معينة لرئاسة هذه السلطة ثم الطلب من السلطة القضائية ان ترشح عدد من القضاة الذين تتوفر فيهم شروط محددة ليختار احدهم كرئيس للسلطة القضائية و بشكل بعيد جدا عن المحاصصة و التوافق السياسي .
6- تكون السلطة القضائية هي الرافد الوحيد للهيئات المستقلة في العراق بالقضاة مثل هيئة النزاهة و المفوضية العليا المستقلة للانتخابات و مجلس شورى الدولة و اي هيئة مستقلة اخرى على ان يقوم  القاضي بعمله في هذه الهيئات لفترة محددة ثم يعود لممارسة وظيفته في السلطة القضائية.
7- زيادة اعداد القضاة مع الحفاظ على صرامة المعايير و الشروط المطلوب توفرها فيهم ليكونوا رافد لباقي الهيئات .
8 - الاهتمام بتوفير اعلى درجات الحماية بمختلف انواعها لصنف القضاة للتأكد من قيامهم بواجباتهم بشكل مريح .
9- الغاء دور الشرطة و الجهاز الامني في التحقيق و حصره في قضاة التحقيق فقط او المحقق العدلي التابع الى السلطة القضائية لكونه شخص مؤهل علميا و يتبع جهة مختصة بالتحقيق القضائي .
10- الاتجاه و بشكل جدي الى تحويل النظام القضائي العراقي الى القضاء المزدوج و عدم الابقاء على النظام القضائي المنفرد الذي اصبح من الماضي و التأكيد على تخصص القضاة فهذا يعي للقاضي امكانية علمية متخصصة تساعده في انجاز عمله باتقان كبير.
11- نقل المحكمة الادارية من وزارة العدل الى مجلس القضاء الاعلى و تأسيس محاكم ادارية في المحافظات و عدم الاكتفاء بواحدة في بغداد لكون دور هذه المحاكم مهم جدا في مرحلة التحول الديمقراطي الحالية.
12- اذا اردنا ان نبني عراق ديمقراطي دستوري يحترم القانون و ارادة الشعب ونحافظ على هذه الاوصاف فلا بد من الاهتمام بميدان القضاء و بصنف القضاة و بغير هذه النقاط لا يمكن لنا ان نقول ان حاضرنا و مستقبلنا سيكون ديمقراطيا و دستوريا.
Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...