2011/08/25

السلطة التشريعية ....عقل الامة 5

امتيازات النواب
على اي اساس تحتسب امتيازات اعضاء السلطة التشريعة ؟ 
هناك فلسفة اعتمد البعض عليها في تصميم امتيازات اعضاء السطلة التشريعية في العراق بعد عام 2003 ومنها نثبت النقاط التالية:
1- ان سياسة النظام السابق في التخلص من اي معارضة سياسية داخل العراق جعلت من البلد ساحة شبه خالية من الناشطين السياسين و بالتالي يجب بناء طبقة سياسية عراقية و دعمها لكي تعتمد على نفسها ماديا ولا تلجاء الى الخارج في التمويل كما كانت تفعل قبل 2003 , و افضل طريقة لتمويل الطبقة السياسية الجديدة هي من خلال منحهم الامتيازات المادية الكبيرة و التي تفوق كثيرا اي امتيازات تمنح لاي موظف عراقي حتى يشارك النواب في تمويل كياناتهم السياسية .
2- ان طبيعة تكوين النفسية العراقية قبل 2003 هي العزوف عن العمل السياسي بسبب البطش و التنكيل و القمع الذي مارسه النظام المقبور ضد المعارضة و بالتالي ابتعد اكثرية المواطنين عن العمل السياسي و بعد 2003 لا بد من طرح مغريات كبيرة لكي نشجع النخب على العودة للعمل السياسي.
3- العمل السياسي من خلال السلطة التشريعية بل ومن خلال باقي السلطات يعرض الانسان الى مغريات مادية كبيرة وحتى نحصن او نساعد العاملين على مقاومة هذه المغريات لا بد من منحهم الامتيازات المادية الكبيرة .

هذه بعض مرتكزات الفلسفة التي اعتمدت لمنح الرواتب و الهبات الضخمة لاعضاء السلطة التشريعية في العراق بعد 2003 , فهل افلحت هذه الفلسفة في تحقيق هدفها ؟
الاجابة : كلا .
نريد اليوم فلسفة جديدة تؤسس لنظام جديد للحوافز و الامتيازات المادية لاعضاء السلطة التشريعية وحتى التنفيذية تبنى هذه الفلسفة على الاسس التالية:

1- التحصين الذاتي و العمل التطوعي و الرقابة المستمرة و الشفافية في التعامل امور يجب توفرها كسلوك نمطي لدى الشخصيات التي تعمل في السلطة التشريعية , لاننا مهما منحنا من امتيازات مادية لهذه الشخصيات فالمغريات ستكون اكبر بكثير.
2- من مستلزمات الوظيفة العامة ان يكون الشخص على قدر كبير من العصامية و نكران الذات و الايثار والا فلن ينجح في عمله. و شخص بهذه الصفات لن يحتاج الى امتيازات كبيرة لكي يبتعد عن الفساد و الشبهة.

اعتقد جازما ان حسن اختيار المرشحين من قبل الكيانات السياسية و من قبل المقترعين و توفير الشروط في المرشح التي سبق لنا الحديث عنها في موضوع سابق هذه الامور كفيلة بوصول اشخاص يمكن الاعتماد عليهم و يمكنهم خدمة الشعب بصورة صحيحة.
ان عظم الامتيازات الممنوحة لاعضاء السلطة التشريعية فتح الباب على مصراعية لكل الطامعين في هذه الامتيازات للتصارع مع الاخرين و استخدام الطرق الملتوية و التجاوز على القانون و القيم الاخلاقية بهدف الوصول الى هذه المراكز وبعد ذلك الركون الى الزوايا البعيدة عن الشعب و عن المجتمع و الانشغال بامور خاصة بعيدة كل البعد عن الشأن العام .
يكفي اعضاء السلطة التشريعية ان يتقاضوا مبالغ شهرية تعادل ما يتقاضاه اقرانهم من العاملين في الدولة العراقية من حيث الشهادة و الحالة الزوجية و المستوى المعاشي مع تحمل الدولة لنفقات سفرهم او ضيافتهم بالمعقول فهم بالنهاية ليسوا متاجرين بهذه المناصب بقدر ما هم متطوعين للقيام بهذه المهمة الجسيمة.
ان تقصير السلطة التشريعية في اقرار قوانين و سياسات تنظم الرعاية الاجتماعية و التنمية الاقتصادية و التعيين في الوظائف الحكومية بشكل يضمن العدالة و السلاسة يدفع المواطنين الى التقرب من السلطة التشريعية و كذلك التنفيذية بهدف الحصول على المنافع المختلفة التي توفرها هذه العلاقة و قسم من هذه المنافع مشروعة و اكثرها غير مشروع .
فلو درسنا طريقة عمل السلطة التشريعية في البلدان الديقراطية لوجدنا ان اغلب المواطنين ليس لهم علاقة مباشرة مع اعضاء هذه السلطات بل تقتصر هذه العلاقة مع جماعات الضغط  و المنظمات غير الحكومية و وسائل الاعلام و تنحصر العلاقة مع المواطنين في حالات نادرة عندما يحصل خرق خطير لحقوق المواطن فيقوم بطلب موعد لاجتماع مع النائب الذي يمثل المنطقة في البرلمان و يطالبه بالتدخل من باب الواجب الرقابي المناط بالنائب .
وهكذا لو كانت السلطة التشريعية قد قامت بواجباتها لما اصبحت بيوت الكثير من النواب ( مضايف) تستقبل افواج من المراجعين الذين في اغلبهم لديهم مصالح خاصة.
من اكبر الدلائل و اوضحها على حسن عمل السلطة التشريعية هو عدم الحاجة من قبل المواطنين الى مراجعة اعضاء السلطة التشريعية في كل حين ولابسط الاسباب .


اصدار اعضاء السلطة التشريعية لقرارات و تشريعات تتضمن امتيازات مادية كبيرة لهم تقدح في وطنية و نزاهة السلطة التشريعية و تساعد على تقليل الثقة الشعبية في الطبقة السياسية وهذا ما اصاب المجتمع العراقي اليوم بسبب الرواتب و الامتيازات الكبيرة التي يتمتع بها النواب مقارنة باقرانهم من اعضاء السلطات التشريعية في البلدان الديمقراطية و كذلك غرابة امر اخر غير موجود في اي بلد ديمقراطي غير العراق وهو صرف رواتب 30 فرد لحماية النائب نقدا الى النائب نفسه و هو حر في توظيف اي عدد اي حتى لو لم يعين اي فرد فانه يستفيد من هذه الرواتب وكلنا نعرف ان وزارة الداخلية لديها مئات من افراد الشرطة المدربين ويمكن الاستفادة منهم في حماية هؤلاء النواب.


خلاصة الموضوع يجب اعادة النظر في امتيازات النواب و تقليلها بشكل منصف يناسب مستوى رواتب باقي العراقيين و الغاء الرواتب التقاعدية المبالغ بها و الاكتفاء بمنح النائب مكافاة نهاية الخدمة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...