2011/08/18

السلطة القضائية ...ضمير الامة

فصل السلطات مبدا مهم من مبادئ الانظمة الديمقراطية , السلطة القضائية تمثل نقطة الارتكاز للسلطتين الاخريين , بمعنى ان السلطة التشريعية و السلطة التنفيذية يمكن ان يغلب عليهما لون سياسي معين و ممكن ان يسيطر عليهما حزب سياسي لوحده من خلال الانتخابات طبعا و يسيرهما حسب ما يريد ولكن السلطة القضائية لا يمكن لاي حزب ان يسيطر عليها على افتراض ان الافراد الذين يشكلون هذه السلطة لم يصلوا لمناصبهم فيها بواسطة الانتخابات ولم يرشحهم حزب معين ولا ينتمون او يميلون لحزب معين , بمقتضى هذا الوصف للسلطة القضائية ستكون هي الحامي و المراقب على حسن عمل باقي السلطات و التزامها بالدستور و القوانين النافذة من خلال الفصل في اي نزاع قانوني يمكن ان يثار من اي مواطن ضد السلطتين التشريعية و التنفيذية بدعوى تجاوز الدستور و القانون و نحن نرى الكثير من هذه النزاعات في العديد من الدول فمثلا في الولايات المتحدة الامريكية هناك المحكمة الاتحادية العليا التي تتكون من 9 قضاة يعينهم الرئيس الامريكي و يصادق عليهم الكونجرس و هم يبقون في مناصبهم مدى الحياة ولا يستطيع اي شخص تنحيتهم وهؤلاء القضاة التسعة هم الحكومة الحقيقية في امريكا في حالة نشوب اي نزاع بين السلطتين التشريعية و التنفيذية او بين اي مواطن و السلطتين المذكورتين .
نريد ان يكون في العراق سلطة قضائية تكون بالفعل ضمير الامة و تمارس دورها في الرقابة على التشريع و التنفيذ بكل حيادية و بعيدة عن المجاملة و المحاباة و السبيل الى ذلك لا يكون الا من خلال تشريع قانون يراعي النقاط التالية :


1- الاهتمام بكليات القانون و تطوير مناهجها و الاهتمام بمقررات مثل حقوق الانسان و الديمقراطية و الدستور , و الحرص على فتح كليات القانون في كل المحافظات للدراسة الصباحية و المسائية و التوسع في القبول للدراسات العليا في القانون لايجاد نخبة اكاديمية قانونية عراقية تقود التقدم العلمي في هذا المجال.
2- الاهتمام بالمحامين و دعمهم بكل السبل و فرض دورات التقوية العلمية عليهم من خلال نقابة المحامين .
3- مراقبة سلوك المحامي و أرشفة عمله في نقابة المحامين و عدم التسامح مع اي تجاوز قد يصدر من اي محامي حفاظا على سمعة المهنة.
4- حسب ما فهمت فان هناك طريقين لخريج كلية القانون ليكون قاضيا الاول عن طريق التقديم لمعهد القضاء العالي و الثاني عن طريق التعيين المباشر وهو محصور بالمحامي الذي لديه خبرة فعلية في عمل المحاماة لا تقل عن 10 سنوات, المطلوب التشدد في شروط القبول في المعهد القضائي او ترشيح المحامين الذين امضوا 10 سنوات في العمل ويرغبون في ترشيحهم لوظيفة قاضي و عدم السماح لتدخل اي حزب في القبول بل عدم السماح لاي مرشح حزبي بالعمل كقاضي , ان  اي تساهل امام مرشحي الاحزاب في دخول سلك القضاء يعني انه اختراق سياسي لسلطة يجب ان تكون حيادية بالكامل , ويمكن الحفاظ على حيادية المرشحين من خلال طلب مفصل تاريخ المرشح من نقابة المحامين او من دائرته او من الجهات الامنية المختلفة و معرفة هل انتمى لحزب سياسي معين او ترشح لانتخابات عن طريق حزب سياسي معين , حتى يكون في علم اي محامي يخطط ليكون قاضيا في المستقبل ان العمل السياسي لا يؤهله ليكون قاضيا لذا عليه الابتعاد كلية عن العمل السياسي و تاهيل نفسه منذ البداية ليكون قاضيا محايدا و غير مسيس .
5- عدم التدخل من اي جهة كانت في عمل السلطة القضائية و تعينات القضاة بل ترك الامر للقضاة انفسهم لكي يختاروا فيما بينهم القيادات و الرئاسات للمحاكم المختلفة حسب معايير علمية و مهنية و موضوعية , وحتى تعيين رئيس السلطة القضائية يفترض على مجلس النواب تحديد فترة معينة لرئاسة هذه السلطة ثم الطلب من السلطة القضائية ان ترشح عدد من القضاة الذين تتوفر فيهم شروط محددة ليختار احدهم كرئيس للسلطة القضائية و بشكل بعيد جدا عن المحاصصة و التوافق السياسي .
6- تكون السلطة القضائية هي الرافد الوحيد للهيئات المستقلة في العراق بالقضاة مثل هيئة النزاهة و المفوضية العليا المستقلة للانتخابات و مجلس شورى الدولة و اي هيئة مستقلة اخرى على ان يقوم  القاضي بعمله في هذه الهيئات لفترة محددة ثم يعود لممارسة وظيفته في السلطة القضائية.
7- زيادة اعداد القضاة مع الحفاظ على صرامة المعايير و الشروط المطلوب توفرها فيهم ليكونوا رافد لباقي الهيئات .
8 - الاهتمام بتوفير اعلى درجات الحماية بمختلف انواعها لصنف القضاة للتأكد من قيامهم بواجباتهم بشكل مريح .
9- الغاء دور الشرطة و الجهاز الامني في التحقيق و حصره في قضاة التحقيق فقط او المحقق العدلي التابع الى السلطة القضائية لكونه شخص مؤهل علميا و يتبع جهة مختصة بالتحقيق القضائي .
10- الاتجاه و بشكل جدي الى تحويل النظام القضائي العراقي الى القضاء المزدوج و عدم الابقاء على النظام القضائي المنفرد الذي اصبح من الماضي و التأكيد على تخصص القضاة فهذا يعي للقاضي امكانية علمية متخصصة تساعده في انجاز عمله باتقان كبير.
11- نقل المحكمة الادارية من وزارة العدل الى مجلس القضاء الاعلى و تأسيس محاكم ادارية في المحافظات و عدم الاكتفاء بواحدة في بغداد لكون دور هذه المحاكم مهم جدا في مرحلة التحول الديمقراطي الحالية.
12- اذا اردنا ان نبني عراق ديمقراطي دستوري يحترم القانون و ارادة الشعب ونحافظ على هذه الاوصاف فلا بد من الاهتمام بميدان القضاء و بصنف القضاة و بغير هذه النقاط لا يمكن لنا ان نقول ان حاضرنا و مستقبلنا سيكون ديمقراطيا و دستوريا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...