2011/08/21

السلطة التشريعية ....عقل الامة 3

الناخبين

الشعب مصدر السلطات , و السلطات الثلاث عبارة عن افراد من الشعب وكلهم باقي الافراد بممارسة السلطة نيابة عنهم , وهذا التوكيل لا يلغي حق الشعب باستعادة الوكالة متى ما اراد ذلك , و المناسبة الدورية الثابتة زمنيا لاستعادة الشعب للوكالة من الوكيل او تجديدها هي الانتخابات التشريعية.
يمارس المواطن ان كان ذكرا او انثى حقه و واجبه في التصويت اذا توفرت فيه شروط معينة اقرها القانون , في العراق لم نعرف التصويت الحر بدون ضغوط من الحاكم و بدون تدخل سافر منه الا بعد 2003 , ولكن هل هذا كافي ؟ هل نجح الشعب العراقي في اداء دوره كناخب بشكل موضوعي في الانتخابات القليلة التي اجريت خلال السنوات الثمانية الماضية ؟
الاجابة قطعا : كلا , يطرح رأي للتداول بين عدد من المثقفين ممن يطالبون بما يمكن تسميته ( الديقراطية على مراحل ) و الذي يعني ان لا يسمح لكل المواطنين بالمشاركة في التصويت في الانتخابات بل يسمح فقط للمواطن الذي لديه مستوى علمي معين كأن يكون حاصل على الاعدادية او الدراسة المتوسطة او الابتدائية او حتى يقرأ و يكتب فقط , هذه الطريقة كانت سابقا معتمدة في عدد من الدول ولكن تم تجاوزها اليوم , المشكلة التي دفعت من اقترح هذه الصيغة لاقتراحها هو تحكم الكيانات السياسية بفئة كبيرة من الشعب العراقي وهذه الفئة هي الموصوفة (بالجهل) و هذا الاقتراح جيد ويمكن ان يدفع المواطن المحروم الى تحريك نفسه لكي يكتسب المعارف التي تنقصه حتى يسمح له بالمشاركة في الاقتراع ولكن المشكلة التي سوف تواجهنا هي الاهمال الاكيد لفئة كبيرة جدا من الشعب العراقي التي سوف تحرم من التصويت وهذا من طبيعة الامور فالكيانات السياسية لن تهتم لمن لا صوت له و سوف تركز على الباقي مع عدم الاهتمام بتطوير المحروم من التصويت وهنا سوف نواجه مشكلة اكبر من الاولى, و استطيع ان اضرب مثلا النساء في بريطانيا ذلك البلد العريق في الديمقراطية و الذي يمارس شعبه الانتخابات البرلمانية منذ عام 1801 لم يكن يسمح للنساء بالتصويت حتى عام 1918 وبعد نضال من قبل عدد من النساء سمح لمن تجاوزت عمر 30 عام بينما كان الرجال يصوتون في سن 21 و بعد عدة سنين سمح لمن تبلغ 21 عام بالتصويت هذا يعطينا فكرة ان الاحزاب السياسية تجنح نحو عدم الاهتمام بمن لا صوت له في الانتخابات و لا ترغب بتوسيع الكتلة الانتخابية ان صح التعبير فهذا يزيد عدد الرغبات و المطالبات . الثقافة الانتخابية هذا العنوان المغيب عن الساحة الشعبية بفعل فاعل لم يتعلمها العراقيون في اي فترة من الفترات التي مرت على العراق كدولة حديثة منذ تأسيس المملكة العراقية في عشرينيات القرن الماضي الى يومنا هذا. من اين يتعلمها العراقي ولم تكن هناك ديمقراطية حقيقة في العراق سابقا , لذا يجب علينا اذا كنا فعلا نريد ان نبني الديمقراطية في العراق و نرسخها لاجيال قادمة ولا نستغلها فقط للوصول الى الحكم ثم ننقلب عليها و نلعب دور الدكتاتور الطاغية او
( المستبد العادل) او ( المستبد المتنور) الخ ... علينا ان نضع خطة لتربية الشعب العراقي و بمختلف فئاته العمرية على الطريقة الصحيحة لممارسة فن الانتخاب .
هذه مسؤولية الجميع ابتدأ ولكن تتركز المسؤولية في الجهات التالية :
1- المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق .
2- المنظمات غير الحكومية في العراق.
3- كل المثقفين الداعين الى الديمقراطية و حقوق الانسان في العراق .
4- وزارة التربية .
5- وزارة الثقافة.
7 - وسائل لاعلام المختلفة في العراق .
هذه الجهات تتحمل العبء الاكبر في محو امية الشعب العراقي في ميدان الممارسة الصحيحة للانتخابات.
من يقف ضد محو امية الشعب العراقي في الممارسة الصحيحة للانتخابات ؟ الكيانات السياسة المستفيدة من هذه الامية وهي كل كيان يعتمد على الطائفية و المذهبية او العرقية و العنصرية في الحصول على التأييد في الشارع العراقي , هذه الكيانات التي لا تؤمن حقيقة ببناء عراق ديمقراطي مدني يتساوى فيه الجميع بغض النظر عن جنسهم او مذهبهم او عقيدتهم او قوميتهم , هذه الكيانات التي اسست و عملت طيلة سنوات على الوان او مكونات محددة في المجتمع العراقي و انا قد اعذرها على ذلك لكونها رد فعل لما كان يحصل من تفرد و استئثار بالحكم من قبل فئة قليلة جدا و كانت هذه الكيانات تمارس ( النضال) ضد هذا الظلم ولكن بعد التغيير الذي حصل في 2003 و التحول الديمقراطي لم يعد لعقيدة هذه الكيانات اي ضرورة و يجب عليها اعادة النظر في فكرها و طرق عملها و عليها الانفتاح على كل العراقيين اذا ارادت الاستمرار و البقاء على الساحة العراقية.

على الجهات المذكورة اعلاه ان تضع الخطط الكفيلة بنجاح محو الامية الانتخابية و ذلك عن طريق 3 قنوات وهي :

1- قناة محو الامية الانتخابية لكبار السن عن طريق برامج تثقيفية مركزة عن الحقوق و الواجبات و عن افضل الطرق الاختيار المرشحين و ذلك حسب معايير المصلحة العليا للبلد وللمجتمع و المواطن وليس حسب العشائرية او المصلحة الذاتية او الولاء الطائفي او المذهبي .
2- قناة التربية الانتخابية للصغار في المدارس وتتناول نفس المواضيع اعلاه , يضاف لها نشاطات فنية مثل مسرحيات يمثلها الصغار انفسهم عن فعالية الانتخابات و النقاشات السياسة و المعارف الدستورية و القانونية.
3- قناة التثقيف السريع قبل اجراء الانتخابات بفترة مناسبة تركز على طريقة الانتخاب و القانون الخاص بذلك و باقي المفاهيم اعلاه.
على الدولة العراقية ككل و الحكومة تحديدا تخصيص التمويل الكافي لتغطية هذه النشاطات و بشكل مستمر حالها حال البرامج التربوية المدرسية الاخرى لان الاجيال تتجدد و الصغار يكبرون و الكل بحاجة الى التعلم و التذكير , مع التركيز على المناطق الاقل حظا في التعليم و الثقافة و التي تتعرض الى الاستغلال من قبل الكيانات السياسية و توجيها الى الانتخاب بطرق غير قانونية .


لو سأل سائل كيف ترى الثقافة الانتخابية الصحيحة التي تنادي بها ؟ اقول ان الانتخابات تعطي نتيجة جيدة اذا فهم مجموع الناخبين عدة امور ومنها :


1- يجب ان يعرف الناخب ماذا يريد من السلطة التشريعية و ماذا يريد من السلطة التنفيذية ( على المستوى الاتحادي و المحلي) وهذا يستدعي فهم مسبق لصلاحيات كل سلطة وعلى المستوين , على ان يكون المطلوب قضية عامة وليست فردية نعم القضايا الفردية التي تهم عدد كبير من الناس هي قضايا عامة مثل البطالة و الرعاية الصحية و الخدمات البلدية و ما الى ذلك , وكلما فهم المواطن ماذا يريد بالضبط من المرشح للانتخابات سهل عليه و على المرشح التفاهم على مطالبه ولا يترك الامر بغير تفاهم و على هوى المرشح و بصيغ عامة لا تلزم احد فيما بعد ولو الزام اخلاقي.
2- تلعب المنظمات غير الحكومية دورا مهما في التوعية بالقضايا العامة بالنسبة للمواطن صاحب القضية ( المستفيد) و كذلك بالنسبة للمرشح او للكيان السياسي وهذا من صميم عمل المنظمات غير الحكومية فهي عادة تضم عدد من المتخصصين و الناشطين في ميدان عملها , وعلى هذه المنظمات ان تنشط في التوعية لكلا الطرفين بحيث تحث الناخب للاتصال بالمرشح و التأثير عليه لكي يتبنى المقترحات التي تضعها لحل مشكلة عامة او قضية تهم عدد كبير من المواطنين .
3- تلعب جماعات الضغط الدائمة او المؤقتة دورا هاما في التاثير على الرأي العام و على المرشحين و على الكيانات السياسية وهذه الجماعات تختلف عن المنظمات غير الحكومية في كونها تركز على قضية واحدة في العادة و تكون مدعومة من جهة او جهات مستفيدة مثل جماعة الضغط التابعة للصناعين و تدافع عن مصالحهم او تلك التابعة للمتقاعدين وغيرها وهذه الجماعات لها مريدين كثر يصوتون الى المرشح الذي يتعهد بدعم مطالبهم و يلبي رغباتهم .


هذين المجموعتين لم نرى لهما ظهور في العراق حتى اليوم ولو بشكل علني و منظم و نتمنى ان تظهر هذه الجهات لمصلحة الشعب في المستقبل القريب . ولكن يمكن لنا تأشير رجال الدين في العراق على انهم جماعة ضغط لهم مريدون كثر و يمكنهم التأثير على قرار الناخب بطريقة معينة و بالتالي التاثير على السلطة التشريعية و ان كان تاثير ( جماعات الضغط الدينية ) مختلف حسب المناطق و خصائص المجتمع في كل منطقة ولكن تاثيرها معروف و واضح .


لو درسنا طريقة تصرف الناخب العراقي في الانتخابات البرلمانية الماضية لرأينا التالي :
1- الناخب العراقي يتميز بكونه عاطفي ولا يميل الى التحليل و الدراسة قبل التصويت بل يكتفي بميوله النفسية و العاطفية.
2- سهولة اقناع الناخب لانه لا يطلب الكثير من الوعود او الدقة فيها.
3- لا يعير اهمية الى البرامج الانتخابية و لا يدقق فيها.
4- ينظر الى الاسماء الكبيرة و الرموز السياسية ولا يهتم بالمرشحين انفسهم بشكل كبير.
5- الازمات الكبيرة التي عصفت بالمجتمع العراقي دفعت المواطن الى الاهتمام بالامن و الصرعات الطائفية اكثر من اي شيء اخر و بالتالي استطاع الكثير من رموز الفساد و الفشل في الفوز في الانتخابات لعدم تدقيق الناخب في البرامج الانتخابية ولا في تاريخ هؤلاء المرشحين وما قدموا في الفترة الماضية.
6- يسعى للحصول على وعد من المرشح بخدمة خاصة له او لقريب مثل التوظيف او تمشية معاملة ما.
7- تعود المواطن العراقي على طاعة من في السلطة و تقبل اخطائه و تربى على ذلك و صعوبة تقبل شخص جديد في السلطة و اعتقاده ان من في السلطة يجب ان يتميز بمواصفات خاصة لو سألت اي شخص عنها لاجاب بشكل مشوش و غير علمي .


الفترة السابقة استثنائية بسبب الصراع الطائفي و العرقي و دخول الارهاب الدولي الى العراق و اشعال الفتنة الطائفية و هذا كله اثر على اختيارات الناخب العراقي و ساعد على ذلك التحشيد الاعلامي و الدفع من قبل الاطراف السياسية المتصارعة في هذا الاتجاه ولكن اذا استقرت الامور و انتهت الازمة الطائفية و العرقية و تم تصفية الارهاب فاعتقد جازما ان الكثير من الاخطاء التي ارتكبها الناخب العراقي سوف تختفي وسوف تحل محلها الثقافة الانتخابية الصحيحة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...