2014/08/21

مراجعة لمشروع قانون المحكمة الاتحادية العليا

مراجعة لمشروع قانون المحكمة الاتحادية العليا

ماجد ابوكلل
يناقش مجلس النواب الاتحادي هذه الايام مشروع قانون المحكمة الاتحادية العليا , يعتبر هذا القانون مهما لاستكمال اركان السلطة القضائية , تعتبر السلطة القضائية في الانظمة الديمقراطية هي السلطة الوحيدة من بين السلطات الثلاث التي يجب ان تكون غير مسيسة و مستقلة عن الانتماءات السياسية بسبب وظيفتها المتمثلة في الفصل بين النزاعات التي قد تنشأ بين السلطتين التشريعية و التنفيذية و لكونها الجهة الوحيدة المخولة بتفسير نصوص الدستور و تمارس الرقابة على دستورية القوانين و الانظمة و التعليمات و الاجراءات التي تصدر عن السلطتين التشريعية و التنفيذية .

وقد لاحظنا اهمية الدور الذي تلعبه المحكمة الاتحادية العليا في العراق خلال السنوات الخمس الماضية عندما نقضت عدد من التشريعات ( بشكل كامل او جزئي ) و عندما فسرت بعض مواد الدستور و نتج عن قراراتها التفسيرية تقييد لصلاحيات مجلس النواب في اقتراح القوانين و كذلك نتج تغيير في الكتل النيابية التي شكلت الحكومة .
نحن كمراقبين مهتمين باستمرار التجربة الديمقراطية العراقية و تطويرها و الحرص على عدم اصابتها بأي انتكاسة نهتم بشكل كبير بأن تكون المحكمة الاتحادية العليا تعمل وفق قانون ناضج و متطور يحافظ على استقلالية عمل المحكمة و يمكنها من القيام بواجباتها على اكمل وجه مما يؤدي بالنتيجة الى الحفاظ على النظام الديمقراطي و ديمومته.
مشروع القانون الذي يناقشه البرلمان حاليا و تمت قرأته مرتين يحوي عدد من التي يمكن ايجازها بالاتي :
1-  قرر المشروع ان عدد اعضاء المحكمة الاجمالي هو 13 عضو منهم 9 قضاة بما فيهم رئيس المحكمة و نائبه و منهم كذلك خبيرين من خبراء الشريعة الاسلامية و اثنين من فقهاء القانون الدستوري , و هناك اعضاء احتياط يمكن الاستعانة بهم في حالة غياب أي عضو من اعضاء المحكمة , و اشترط القانون عدد من الشروط التي تخص الخبرة و النزاهة و عدم المحكومية ( وهي شروط كافية تقريبا على افتراض ان جميع المرشحين للمناصب في المحكمة غير منتمين لأي جهة سياسية ) , يمكن القبول و بدون جدال في تشكيلة المحكمة باستثناء خبراء الفقه الاسلامي حيث يجادل البعض ان وجودهم هنا غير ضروري لكون القضاة و فقهاء القانون يمكنهم لوحدهم القيام بواجبات المحكمة الاتحادية و الحقيقة ان اشتراط الدستور عدم مخالفة التشريعات لثوابت احكام الاسلام هو الذي استدعى وجود خبراء في الفقه الاسلامي فوجودهم مرتبط بهذا الشرط الدستوري.
2-  قرر المشروع ان ترشيح القضاة يكون عن طريق المحكمة الاتحادية العليا الحالية و مجالس القضاء (الاتحادية و الاقاليم ) بواقع 3 قضاة لكل منصب , كما يكون ترشيح فقهاء القانون الدستوري عن طريق وزارة التعليم العالي و يكون ترشيح خبراء الشريعة الاسلامية عن طريق ديواني الوقف الشيعي و السني و بنفس النسبة المذكورة انفا , هنا لنا وقفة مع ترشيح خبراء الفقه الاسلامي , فدواوين الاوقاف ليست الجهة الانسب لهذا الترشيح لكون طبيعة عمل هذه الدواوين معروفة و ليست لها علاقة كبيرة بمسائل الفقه مقارنة بجهات اخرى مثل الجامعات و تحديدا كليات الفقه الاسلامي بفرعيه الجعفري و المذاهب الاربعة , وقد يكون من الافضل اناطة ترشيح خبراء الفقه الاسلامي بوزارة التعليم العالي حالهم كحال فقهاء القانون الدستوري .
3-  قرر المشروع ان اختيار المرشحين و المفاضلة بينهم يكون عن طريق هيئة مشكلة من رئيس الجمهورية و رئيس مجلس النواب و رئيس مجلس الوزراء و رئيس السلطة القضائية الاتحادية , وهنا استطاع مشروع القانون ان يجد طريقة عملية و ذكية للتخلص من مشكلة المحاصصة التي كانت ستواجه تشكيل المحكمة لو ترك الامر لمجلس النواب لاختيار المرشحين و يمكن لهذه الهيئة في حالة رغبتها التخلص من مشكلة المحاصصة الحزبية ان تختار بطريقة اكثر حكمة من بين المرشحين و تبعدهم ( أي المرشحين ) من أي ولاءات حزبية او سياسية محتملة مع ضرورة مراعاة التوازن بين مكونات الشعب العراقي عند اختيار اعضاء المحكمة من بين المرشحين.

4-  لم يلتف المشروع الى كيفية اتخاذ القرارات في المحكمة , هل هو بالأجماع ام بالأغلبية,  و الظاهر انه ترك الامر الى المحكمة نفسها عندما تضع نظامها الداخلي و لكن لأهمية الموضوع كان الافضل و الانسب ان ينص القانون على طريقة اتخاذ القرار, وكما هو معروف فأن المحكمة الاتحادية العليا الحالية تتخذ القرارات بالأجماع و بالتوافق و اعتقد ان بقاء الاجماع كطريقة للوصول الى القرار افضل من اختيار الاغلبية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...