2015/01/12

مراجعة لمشروع قانون الاحزاب السياسية

مراجعة لمشروع قانون الاحزاب

ماجد ابوكلل

الاحزاب السياسية ركن مهم و اساسي من اركان النظام الديمقراطي , و بدون تقنين عمل الاحزاب السياسية بكل تفاصيل هذا العمل المتشعب لا يمكن للأنظمة الديمقراطية ان تستقر و تزدهر و تتطور , لذلك ترى الكثير من البلدان المهتمة بالديمقراطية تحرص على صياغة قوانين تنظم عمل الاحزاب تستجيب للتحديات التي تواجه مجتمعاتها في مجال تطبيق الديمقراطية و من المعروف ان هناك تحديات كثيرة تبرز على فترات زمنية مختلفة و هذا يدفع المفكرين و السياسيين الحريصين على مستقبل الديمقراطية في بلدانهم ان يكونوا يقظين في مواجهة هذه التحديات و يضعون لها المعالجات المناسبة و قد تقتضي هذه المعالجات ان يعدل القانون .

في العراق هناك تجربة تاريخية مع التشريعات التي تنظم العمل الحزبي يمكن للمهتمين الرجوع لها و هذه التجربة تمتد من عشرينيات القرن المنصرم و لغاية صدور اخر تشريع من سلطة الائتلاف الدولي المنحلة و لكننا اليوم امام تشريع جديد قرأ في البرلمان القراءة الاولى يوم 8 كانون الثاني الجاري و ننتظر القراءة الثانية قريبا , و لأهمية الموضوع سوف نراجع مسودة المشروع من زوايا معينة .
1-   جهة التسجيل و المراقبة :
نص مشروع القانون على ان تؤسس دائرة تسمى ( دائرة الاحزاب ) في وزارة العدل يرأسها موظف بدرجة مدير عام تكون مسؤولة عن تسجيل الاحزاب و مراقبة عملها , و الجميع يعلم ان هذه الوزارة مثل غيرها من الوزارات خاضعة للمحاصصة السياسية و بالتالي هي حصة حزب معين فكيف لنا ان نضمن استقلال و حيادية عملها تجاه باقي الاحزاب ؟ و في تصوري ان هذا غير ممكن و سوف يؤدي الى مشاكل كثيرة , كان من الافضل تأسيس هذه الدائرة ضمن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات ( لكون المحاصصة هناك اكثر اتساعا و ليست لحزب بعينه ) و مما يرجح هذا الرأي كون مشروع القانون قد جعل من مشاركة الحزب في الانتخابات شرطا لديمومته و كذلك جعل من مشاركة الحزب في الانتخابات هدفا رئيسيا يسعى له .

2-   التنمية الحزبية و السياسية :
اغفل مشروع القانون موضوعي التنمية الحزبية و السياسية و هما من المواضيع المهمة التي يحتاج العراق لهما اليوم حاجة كبيرة بعد تلكؤ التجربة الحزبية منذ 2003 لغاية الان , للأسف لم يبذل المشرع جهدا في تضمين مشروع القانون نظرة تنموية و كان الاجدر بمن صاغ هذا المشروع ان يحلل المشاكل التي تعاني منها البيئة الحزبية العراقية بشكل عام و يضع لها بعض المعالجات الممكن و التي يمكن بعد تعافي هذه البيئة منها ان ترفع من القانون بتعديل لاحق , من هذه المعالجات موضوع الارتقاء بمستوى اعضاء الاحزاب السياسية الثقافي و الفكري و كذلك تحفيز الاحزاب السياسية لتلعب دورا نشطا في تكوين الوعي السياسي الوطني و في استنباط الحلول للمشاكل العراقية و لمختلف المناطق من خلال تحفيز الانتاج الفكري , من الضروري النظر الى الاحزاب السياسية على كونها مدارس اعداد للقادة و ليست مجرد مكائن تسعى الى السلطة فقط , لذا اعتقد ان الشروط التي وضعها المشرع على المؤسسين غير كافية و لا بد من اضافة شرط اخر يساهم في رفع المستوى الثقافي لمجموعة المؤسسين مثل اشتراط حصول اغلبية المؤسسين على الشهادة الجامعية الاولية و كذلك اشتراط القراءة و الكتابة على اقل تقدير لمن يرغب بالحصول على عضوية الحزب , كما ان المشرع اغفل موضوع التمييز الايجابي بالنسبة لوجود المرأة في الاحزاب السياسية , ففي حين اشترط الدستور وجود نسبة لا تقل عن الربع من اعضاء البرلمان من النساء نجد ان مشروع القانون لم يتطرق لها الموضوع و كان الاجدر بالمشرع اشتراط نصف او ثلث المؤسسين من النساء و كذلك نسبة مشابه لعموم الاعضاء.
3-   الفصل بين الوظيفة الحكومية و العمل الحزبي :
لم يرد في مشروع القانون اي اشارة لموضوع استغلال المناصب الحكومية من قبل شاغليها لمصلحة الاحزاب السياسية التي ينتمون لها , وهذه مشكلة تواجه الواقع الحزبي في العراق , كان الافضل بحث هذه المسالة و محاول ايجاد حلول كأن يكون هناك تجميد مؤقت لعضوية اي شخص يشغل منصبا تنفيذيا مرموقا في الحكومة لكي نمنحه الفرصة ليبتعد عن استغلال المنصب الحكومي لمصلحة الحزب او حلول اخرى.
4-   تمويل الاحزاب من المال العام :
وضع مشروع القانون صيغة محددة لتمويل الاحزاب من المال العام , لا باس ان يكون هناك مثل هذا التمويل و لكن الخشية من استغلال المال العام بطريقة غير قانونية , وضع مشروع القانون عدد من المحددات لتمويل الاحزاب منها منع التبرعات من المؤسسات الحكومية الى الاحزاب و لكنه لم ينص صراحة على منع التبرعات من المجهولين و كذلك لم يحدد مبلغ التبرع من كل شخص الى الحزب السياسي بل ترك الامر بلا تحديد و هو بلا شك سيؤدي الى مشاكل كثيرة.
5-   التمويل الاجنبي للأحزاب :
منع مشروع القانون الاحزاب السياسية العراقية من تلقي او ارسال الدعم او الهدايا من الاجانب و لكنه سمح بشكل من اشكال هذا الدعم الاجنبي اخذا و عطاءا بشرط موافقة دائرة الاحزاب و هنا مشكلة اخرى , كان الافضل هو المنع المطلق و المشدد للتخلص من تدخل الاجانب في تمويل الاحزاب العراقية و للحفاظ على اموال العراق التي تمنح لأحزابنا من ان تخرج الى احزاب اجنبية.
هذه بعض الملاحظات و قد نعود في ملاحظات اخرى..

لمن يود الاطلاع على مشروع القانون اضغط هنا




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...