2015/03/11

دور مؤسسات المجتمع المدني في تطوير السياسات العامة

دور مؤسسات المجتمع المدني في تطوير السياسات العامة

ماجد ابوكلل
بداية يجب التفريق بين السياسة العامة (Policy Public) و بين السياسة (Politics  ) , من الممكن ان نعرف السياسة بانها فن او علم للوصول الى السلطة و الحفاظ عليها و ممارستها و هي ميدان الاحزاب السياسة بالدرجة الاولى , اما السياسة العامة فهي نظام او دليل مبادئ ينعكس على جميع القرارات و التشريعات التي تخص قضية معينة من القضايا العامة , هذا يعني ان السياسة العامة تهم عموم الناس اكثر من السياسة نفسها لان السياسات العامة تؤثر بشكل مباشر في حياة الناس جماعات او افراد و يحاول هؤلاء الناس صياغة او تشكيل السياسات العامة التي تعتمدها الحكومة او البرلمان بطريقة تزيل المشاكل التي تواجههم في حياتهم اليومية او بما يتفق مع ارائهم و معتقداتهم و رؤاهم .

نسمع كثيرا عن سياسات عامة لقضايا مهمة مثل السياسة المالية , سياسة ضريبية , سياسة الحد من الفقر , سياسة الخصخصة ...الخ , كل هذه الميادين المهمة لها سياسات عامة وضعتها الحكومة او البرلمان و تقوم بتنفيذها و تلزم القضاء ايضا بتنفيذها من خلال التشريعات استنادا الى الدستور و من المؤكد ان النخب السياسة الحاكمة هي التي تصوغ هذه السياسات العامة طبقا لرؤاها و أيدولوجيتها و مصالحها.
اذا اردنا ان نسقط مفهوم السياسة العامة على الحالة العراقية سنجد ان هناك عدد من هذه السياسات العامة التي ترسخت في العراق ومنها على سبيل المثال لا الحصر :
1-   سياسة توزيع المناصب و الوظائف بالمحاصصة الحزبية ( سياسة المحاصصة ).
2-   سياسة التخفيف من الدعم الحكومي للبطاقة التموينية و الوقود .
3-   سياسة الخصخصة .
و هناك سياسات عامة معلنة و لكن تطبيقها ضعيف و منها على سبيل المثال لا الحصر :
1-   سياسات مكافحة الفساد.
2-   سياسات الحد من الفقر.
3-   سياسة حماية الصحفيين و الاعلاميين و حماية حق التعبير عن الرأي.
ان ترك صياغة و تنفيذ السياسات العامة للكيانات السياسة و ممثليها في السلطتين التشريعية و التنفيذية على المستوى الاتحادي او الاقليمي او المحلي سوف يؤدي الى نتيجة واحدة اكيدة و هي تغليب المصالح الحزبية و الفئوية و الشخصية على المصالح العليا للشعب و البلد وهذا ما شهدناه طيلة السنوات القليلة السابقة و هناك امثلة كثيرة عليه .
هنا يأتي دور مؤسسات المجتمع المدني في العراق , هذا الدور يتمثل بالتالي :
1-   دراسة المشاكل التي تهم المواطن العراقي في مختلف المحافظات و ترتيبها حسب الاولوية و محاولة وضع الحلول الممكنة لها.
2-   تقديم هذه الحلول الى مختلف اصحاب المصلحة مثل المواطنين و السياسيين و الاعلاميين و غيرهم على ان يحدد دور كل فئة من هذه الفئات و مدى تاثرها و تأثيرها في المشكلة محل البحث و مقدار مساهمة كل فئة حاليا في حل المشكلة او تعقيدها و كيف يمكن تغيير هذا الواقع مستقبلا لتحقيق الحلول التي قدمناها .
3-   في اغلب الحالات نحتاج كمؤسسات مجتمع مدني الى التخطيط لحملات مدافعة لتحقيق التأثير المطلوب في تطوير السياسات العامة المستهدفة.
هنا نعرف الفرق بين مراكز الابحاث بمختلف انواعها و بين مؤسسات المجتمع المدني و العلاقة التبادلية التي يمكن ان تنشا بين الاثنين , فمراكز الابحاث think tank (policy institute, research institute, etc.) مهمتها الرئيسية هي كتابة اوراق السياسات العامة و تقديم البحوث و نشرها و لكن ليس من مهمتها الرئيسية تنظيم و تنفيذ حملات المدافعة و تحشيد الجمهور و ما الى ذلك و لكن نجد ان مؤسسات المجتمع المدني تلعب في كثير من الاحيان دورين هما دور مركز الابحاث و دور منظم حملات المدافعة و يمكن ان تتفق مؤسسة المجتمع المدني مع باحث او مع مركز ابحاث متخصص لكتابة ورقة سياسات عامة حول موضوع معين ثم تتبنى هذه الورقة و تنظم حملتها بناء على هذه الورقة و ما تحتويها من حلول مقترحة او تصورات و توصيات.
من الضروري ان تلتفت مؤسسات المجتمع المدني العراقية لموضوع اوراق السياسات العامة و تركز عليها لتفعيل الشراكة بينها و بين الحكومة على المستويات الاتحادية و الاقليمية و المحلية و كذلك مع البرلمان الاتحادي و بدون هذه الاوراق لن يكون لدينا شيء نقدمه في جانبنا من الشراكة.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...