2012/10/25

الموازنات العامة للدولة العراقية : عرض تأريخي

الموازنات العامة للدولة العراقية : عرض تأريخي

ماجد عبد الحميد

بمناسبة موافقة مجلس الوزراء على مشروع قانون الموازنة العامة للدولة لعام 2013 و رفعه الى مجلس النواب الاتحادي لمناقشته و اقراره نعود بهذه المناسبة بالزمن قليلا لنراجع معا الموازنات العامة السابقة منذ ان اصبحت معلنة المبالغ و معروفة اي منذ عام 2003.
من الرسم البياني اعلاه نرى ان الموزانة العامة كانت في زيادة مضطردة و بنسب عالية وهذا بسبب ارتفاع اسعار النفط في الاسواق العالمية من جهة و كذلك بسبب زيادة الانتاج العراقي من النفط الخام, النفط الذي يمثل تقريبا اكثر من 94% من ايرادات الدولة و التي تغذي هذه الموازنات و اذا بقيت معدلات اسعار النفط كما هي و بقيت الزيادة في الانتاج العراقي مستمرة نتوقع ان تزداد سنويا مبالغ الموازنة العامة للدولة ايضا مما يوفر موارد مالية ضخمة.
ننتقل الان الى الاثر المترتب على هذه الموازنات الكبيرة و المتزايدة على الوضع الاقتصادي العراقي:
لم يتحسن الاقتصاد العراقي خلال الفترة الماضية بزيادة الموارد النفطية التي انعكست على زيادة الموازنات العامة وبقي العراق يعاني من صفة الاقتصاد الريعي نتيجة اعتماده على مبيعات النفط وهذه الصفة تسبب عدم الاستقرار الاقتصادي نتيجة تذبذب هذه الاسعار في السوق العالمية , فاذا علمنا ان العراق حاليا يوظف عشرات الالوف من المواطنين سنويا و يوفر لهم رواتب يغطيها من خلال ايرادات النفط و التي تساعد حاليا من حيث الاسعار العالمية ولكن مستقبلا قد تهبط الاسعار مما يؤدي الى انخفاض الايراد نتيجة هذا الانخفاض و بالتالي قد يؤدي الى عجز كبير جدا في الموزانة مما يترك الحكومة غير قادرة على دفع رواتب كل هذه الكتلة الضخمة من الموظفين و التي منحت الحكومة صفة ( رب العمل الاكبر) في العراق, و المعلوم ان اسعار النفط تمر بفترات انخفاض و ارتفاع بشكل شبه دوري نتيجة تلاعب كبار المتحكمين بالسوق النفطية في العالم و نتيجة نشاط او ركود الاقتصاديات الكبرى.
بقيت ضخامة هذه الموازنات اسيرة لدى الموازنات التشغيلية وهي القسم الذي يمثل النفقات على شكل الرواتب و الاجور و المصروفات الاخرى ولم تستطع الحكومة ضغط هذه الموازنات التشغيلية لزيادة قسم الموازنة الاستثمارية التي تمثل النفقات على مشاريع البنية التحتية و المشاريع الصناعية و الزراعية و هناك اسباب عديدة للتوسع في الشق التشغيلي من الموازنة على حساب الشق الاستثماري الاكثر تاثيرا في الاقتصاد العراقي من هذه الاسباب استسهال الحكومة لزيادة النفقات من خلال زيادة التعيين على ملاك دوائر الدولة للتأثير على الحالة المعاشية لاعداد كبيرة من المواطنين و انقاذهم من البطالة و الفقر و ضخ اموال كبيرة في السوق على شكل رواتب و اجور و بالتالي تحريك السوق العراقية و لكن بسبب فشل القطاع الصناعي العراقي و اغراق الاسواق المحلية بالبضاعة الاجنبية التي اثرت على المنتج العراقي و عدم توفر الكهرباء ادى كل ذلك الى انتقال هذه الموجة المستمرة من زيادة الانفاق الحكومي و الدفق من الموازنة التشغيلية الى خارج العراق و بالتالي تغذية اقتصاديات دول الجوار و الدول الاخرى المصدرة لمختلف البضائع للسوق العراقية و بالتالي لم يستفد العراق بحقيقة الامر من هذه الموارد الضخمة و اصبحنا مجرد سوق مفتوح للاخرين يسوقون فيه بضاعتهم و يجنون الارباح.
كان الاجدر بالمخطط الاقتصادي العراقي التفكير مليا في طريقة تمكن البلد من الاحتفاظ بهذه الموارد الضخمة التي لا يمكن تعويضها بدلا من انتقالها هكذا وببساطة الى الاخرين و قد يكون حماية المنتج العراقي و فرض رسوم جمركية على المنتج الاجنبي من مستلزمات حماية الثروة العراقية و كذلك تنشيط القطاعين الصناعي الزراعي العراقيين من خلال العمل وبوقت مبكر على اصلاح القطاع الكهربائي و توفير الدعم للصناعيين العراقيين بدلا من تركهم يواجهون مصيرهم المجهول.
كما ان انتشار ظاهرة الفساد في العراق اثر سلبا على جودة المشاريع المنفذة من خلال الموازنة الاستثمارية على صغر حجمها مما ادى الى خسارة نسبة كبيرة من الموارد في هذا الميدان.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...