2013/02/10

معايير انتخابية (2) ...الكيانات السياسية


معايير انتخابية (2)

الكيانات السياسية

ماجد ابوكلل

الركن الاخر من اركان العملية الانتخابية هو الكيانات السياسية او الاحزاب السياسية, نحن كمهتمين بتطور الحياة الديمقراطية في العراق نبحث عن المشاكل التي تم تشخيصها في الحياة الحزبية في العراق منذ عام 2003 لغاية اليوم و نسعى لإقناع المشرعين في مجلس النواب الاتحادي لإصدار تشريع خاص بالأحزاب السياسية ليحل محل التشريعات الحالية النافذة و هي كل من امر سلطة الاحتلال الامريكية المنحلة رقم 97 لسنة 2003 و قانون الاحزاب السياسية رقم 30 لسنة 1991 , حاليا يوجد مشروع قانون في مجلس النواب رفعته الحكومة تمت قراءته مرتين و قامت الحكومة بسحبه نهاية السنة الماضية (2012) قبل التصويت عليه.

تنبع اهمية تشريع قانون جديد خاص بالأحزاب السياسية من اهمية الاحزاب نفسها لاكتمال العملية الديمقراطية و التطبيق الاهم فيها و هو الانتخاب و كذلك لكون الدستور العراقي النافذ نص على ضرورة تشريع مثل هذا القانون في المادة (96) كما ان المجتمع العراقي تربى و لسنوات طويلة على سلبية العمل الحزبي من خلال عقلية القمع التي سيطرت على الحكم في العراق طيلة عقود طويلة من حكم الحزب الواحد و التي افرزت ممارسات حزبية سلطوية قمعية و ممارسات مناقضة في الجهة الاخرى لأحزاب المعارضة التي تأثرت بالعقل الجمعي للمجتمع العراقي بكل سلبياته و قد اثرت الممارسات القمعية للسلطة على عمل الاحزاب المعارضة لها من خلال تكيفها مع العمل السري و العمل العنفي ردا على عنف السلطة مما خلق اجيال من الحزبيين العراقيين غير المتعودين على العمل السياسي الديمقراطي التقليدي الشائع في الغرب , بعد التغيير في عام 2003 لم تستطع الاحزاب السياسية التي كانت معارضة للحكم القمعي البعثي ثم اصبحت فجأة تعمل بشكل علني لم تستطع استيعاب هذا التغيير الجذري و لم تستطع التطور مع الحالة الجديدة للعراق الديمقراطي و هذا سبب الفشل الذي نراه حاليا في الاداء الحزبي على المستوى المحلي و على المستوى الوطني و كذلك الفشل على المستوى التنظيمي لهذه الاحزاب و ظاهرة الفشل ظاهرة غالبة تشمل الجميع.
بدلا من اندفاع الاحزاب السياسية باتجاه تطوير نفسها و كوادرها بشكل خاص و تطوير المجتمع العراقي بشكل عام بما ينسجم مع الشعارات و الافكار التي وردت في الدستور العراقي النافذ بدلا من ذلك اندفعت هذه الاحزاب في الاتجاه المعاكس حيث استغلت الامراض التي يعاني منها المجتمع العراقي مثل التخلف والفقر و الجهل و العوز لكي تعظم من مكاسبها السلطوية بعيدا عن النظرية التنموية الشاملة و المستقبلية التي تهدف الى بناء نموذج حزبي متطور مستمد من مجتمع واعي بحقوقه و واجباته , قدمت الاحزاب السياسية نماذج سيئة من الممارسات في مختلف مراحل العملية الانتخابية و العملية الديمقراطية و ما زالت تقدم .
مسودة مشروع قانون الاحزاب الذي سحبته الحكومة من البرلمان مؤخرا يحتاج الى اعادة نظر بكل تأكيد و لكن على اسس علمية و تنموية لكي يكون القانون المنتظر هو المحفز لتغيير واقع و مستقبل العمل الحزبي في العراق بما يتلاءم مع الافكار الراقية التي وردت في حقوق و واجبات المواطن العراقي في الدستور.
نريد من القانون ان يعالج مواطن الخلل و الضعف التي تم تشخيصها في العمل الحزبي و يدفع الاحزاب القائمة حاليا او التي سوف تؤسس مستقبلا دفعا باتجاه معالجة هذا الخلل و الضعف بشكل الزامي بقوة القانون لان هذه الاحزاب لم تستطع ان تتطور لوحدها و ترتقي الى المستوى المنشود رغم مرور عدة سنوات حتى الان , و هذا الالزام القانوني الذي نطالب به له ما يبرره و له ما يشابهه في الكثير من الدول الديمقراطية العريقة التي سبقتنا في الممارسات الديمقراطية و في الحياة السياسية.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...